النوع السادس: مِن تصرفات الحكام، الفتاوى في الأحكام في العباداتِ وغيرِها، من تحريمِ الأبضاع، وإِباحة الانتفاع، وطهاراتِ المياه، ونجاساتِ الأعيان، ووجوبِ الجهاد، وغيرِه من الواجبات، وليس ذلك بحكم، بل لمن لايعتقدُ ذلك أن يُفتيَ بخلاف ما أَفتى به الحاكمُ أو الإِمامُ الأعظم.
وكذلك إِذا أَمروا بمعروف أو نَهَوْا عن منكر وهم يعتقدونه منكرًا أو معروفاً، فلمن لا يعتقد ذلك أن لا يفعل مثلَ فعلِهم، إِلَّا أن يدعوه الإمامُ للِإنكار، وتكونَ مخالفتُه شِقاقاً، فتجبُ الطاعةُ لذلك.
وأما الحاكم فلا يُساعَدُ على ما نعتقدُ نحن خلافَ ما هو عليه، إِلَّا أن يُخشى فتنةٌ يَنهى الشرعُ عن السماحةِ فيها.
النوع السابع: تنفيذاتُ الأحكام الصادرة عن الحكام فيما تقدَّم الحكمُ فيه من غير المنفذ بأن يقول: ثبَت عندي أنه ثبَتَ عند فلان من الحكام كذا وكذا.
وهذا ليس حُكماً من المنفِّذ البتة. وكذلك إِذا قال: ثبَتَ عندي ان فلانًا حكَمَ بكذا وكذا: فليس حُكماً من هذا المثبِت، بل لو اعتقَدَ أنَّ ذلك الحكم على خلافِ الإِجماع صحَّ منه أن يقول: ثبَتَ عندي أنه ثبَتَ عند فلان كذا وكذا؛ لأنَّ التصرُّف الفاسدَ والحرامَ قد يَثبُتُ عند الحاكم، ليترتَّبَ عليه تأديبُ ذلك الحاكمِ أو عَزْلُه.
وبالجملة: ليس في التنفيذ حُكم البتة، ولا في الإِثبات أنَّ فلانًا حكَمَ مساعدةٌ على صحَّةِ الحكم السابق، فلا يُغتَرُّ بكثرةِ الإثبات عند الحكام، فهو كحكمِ واحدِ وهو الأوَّل، إلَّا أن يقول الثاني: حكمتُ بما حكَمَ به الأول.