فهذا ليس حُكماً: ولغيره بعدَه أن يُبطِلَ ذلك الحِمَى، ويَفعلَ في تلك الأرض ما تقتضيه المصالح الشرعية.
النوع الرابع عشر: تأميرُ الأمراءِ على الجيوش والسرايا، فقد عزَمَ الصحابةُ رضوان الله عليهم على ردِّ جيشِ أسامة، ونفَّذَه أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - لأنه المصلحة في نظره، لا لتعذُّرِ نَقْضه.
النوع الخامس عشر: تعيينُ أحدِ الخِصالِ في الحِرابةِ لعقوبة المحارِبين (١)، ليس حكمًا شرعياً، وإذا رُء لغيره من أهلِ مَذْهَبه في مذهبِ من يَرى التخييرَ مطلقًا قبلَ التنفيذ، ورأى أنَّ المصلحة تعيينُ غير تلك الخَصْلَة عيَّنَها؛ لأنَّ تعيينها أولًا ليس حُكماً شرعياً.
النوع السادس عشر: تعيينُ مقدارٍ من التعزير إذا رُفع لغيره قبلَ تنفيذه فرأى خلافَ ذلك، فله تعيينُه وإِبطالُ الأول؛ لأنه ليس حكمًا شرعياً، بل اجتهادٌ في سببٍ هو الجِناية، فإِذا ظهر للثاني أنها لا تقتضي ذلك حَكَمَ بما يراه.
وهذا بخلاف تعيين الأسارى للرِقِّ ونحوِه؛ لأنها مسألةُ خلافٍ بين العلماء، فقال بعضهم: تُقْتَلُ الأسارى فقط، ومذهبُنا ومذهبُ الشافعي وأبي حنيفة: جوازُ الإسترقاقِ أو ضَرْبِ الجزية، فإِذا اختار أحدَهما فهو حُكم منه بالذي اختاره، وهو إِنشاءُ حُكمٍ في مختلَفٍ فيه.
(١) قال القاضي ابن فرحون في "تبصرة الحكام" ٢: ١٩٦، ٢٤٢ "الحِرابةُ: كلِّ فعل يقصَدُ به أخذُ المال على وجهٍ يتعذرُ معه الإستغاثةُ عادة، كشَهْرِ السلاح، والخَنْق، وسَقْي السَّيْكَرَان، لأخذِ المال". وجاء في "لسان العرب" في (حرب): "الحَرَبُ بالتحرَيك: نَهْبُ مالِ الإِنسان وتَرْكُه لا شيء له".