٢ - والنوع الثاني مختلَفٌ فيه، نحوُ الشاهدِ واليمين، وشهادةِ الصبيان في القتلِ والجِراح، والِإقرارِ إذا تعقَّبَه رجوع، وشهادةِ النساء إذا اقتُصِرَ منهن على اثنتين فيما يختَصُ بهن الإطّلاع عليه، كعيوبِ الفُروج واستهلالِ الصبي ونحو ذلك. وإِثباتِ القِصاص بالقَسامة، فإِن الشافعي يَمنعُه، ونحوِ ذلك.
فهذه الحِجاجُ يَثبُتُ بها عند الحكام الأسبابُ نحوُ القتل، والشروطُ نحوُ الكفاءة، وعدَمُ الموانع نحوُ الخُلُو عن الأزواج، ونحوِه. ونحن كما نُقلِّدُ العلماءَ في الأحكام وأسبابِها وشروطِها وموانِعها، فكذلك نُقلِّدُهم في الحِجاج المثبِتةِ لذلك كما تقدَّم.
فهذه الخمسة هي التي يقع التقليدُ فيها من العوامّ للعلماء، لا سادسَ لها، عملًا بالإستقراء، فمن سُئلَ عما يقُلَّدُ فيه العلماء فليذكر هذه الخمسة على هذا الوجه، يكونُ مجيبًا بالضابط الجامع المانع، وما عدا ذلك يكون الجوابُ فيه مختلاً بعدمِ الجمعِ أو بعدمِ المنع.
تنبيه
ينبغي أن يقال: إِنَّ الأحكامَ المجمَعَ عليها التي لا تَختَصُّ بمذهب، نحوُ جوازِ القِراض ووجوبِ الزكاة والصومِ ونحوِ ذلك: إِنَّ هذه الأمور مذهبُ إِجماعٍ من الأُمَّة المحمدية. ولا يقال: هذا مذهَبُ مالكٍ والشافعي إِلَّا فيما يختَصُ به؛ لأنه ظاهرُ اللفظ في الإِضافةِ والإِختصاص.
ألا تَرى أنه لو قال قائل: وجوبُ الخمس صلواتٍ في كلِّ يوم هو مذهبُ مالك، لنبَا عنه السمعُ ونَفَر منه الطبع، وتُدرِكُ بالضرورة فرقاً بين هذا القول وبين قولنا: وجوبُ التدليك في الطهارات مذهبُ مالك،