للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشهادة، إِن شَهِدَ معه ثلاثةٌ ثَبَتَ الحكم وإِلا لم يَثبُت. وهو في هذا مُساوٍ لسائرِ العدول، ولا أثَرَ لكونه مجتهداً في هذا الباب لا هو ولا غيرُه من المجتهدين.

وكذلك نُقلدُه في أنَّ النبَّاش يقطعُ، ولا نُقلدهُ في أنَّ فلانًا نَبَشَ. وكذلك نُقلدُه في أنَّ النية شَرْطٌ في الطهارة، ولا نُقلدهُ في أن فلانًا نَوَى. ونُقلدُه في أن الدَّيْن مانعٌ من الزكاة، ولا نُقلدُه في أن فلانًا عليه دَيْن يستغرقُ مالَه (١)، بل لابُدَّ معه من شاهدٍ آخر. وهو في جميع هذه الأمور كسائرِ العدول، ولا أثر لكونه مجتهداً، بل هذا المعنى يكفي فيه مُطلَقُ العدالة (٢).


(١) يعني المؤلف بقوله في هذه الفروع الأربعة: (ولا نُقلِّدُه في ...) أي لا يجبُ علينا قبولُ قوله في ذلك، كما يَجبُ علينا قبولُ قوله: (في أن النَّبَّاش يقطع ...).
(٢) قال المؤلف في "الفروق" ٤: ٥ في الفرق (٢٠٣)، بعد ما تعرَّضَ لهذا البحث: "والقاعدةُ أنَّ كل إمام أخبَرَ عن حكمٍ بسببٍ اتُّبع فيه، وكان فُتيا ومذهبًا". أو أخبَرَ عن وقوع ذلك السبب فهو شهادة.
وإن المذهب الذي يقلد فيه الإِمامُ خمسةُ أمور لا سادسَ لها:
١ - الأحكام، كوجوب الوتر.
٢ - والأسباب، كالمعاطاة.
٣ - والشروط، كالنية في الوضوء.
٤ - والموانع كالدين في الزكاة.
٥ - والحِجَاج، كشهادة الصبيان والشاهد واليمين.
فهذه الخمسة إِن اتُّفِقَ على شيء منها فليس مذهبًا لأحد، بل ذلك للجميع. فلا يقال: إن وجوب رمضان مذهبُ مالكٍ ولا غيرِه، بل ذلك ثابت بالإِجماع. فإنه إنما يفهم من مذهب الإِنسان في العادة ما اختَصَّ به، كقولك: هذا طريقُ زيد إذا اختَصَّ به. أو هذه عادته إذا اختَصتْ به. وإِذا اختُلِفَ في شيء من ذلك نُسِبَ إلى القائل به. وما عدا هذه الخمسة لا يقال: إنها مذهبٌ يُقلَّدُ فيه. بل هو إما رواية أو شهادة أو غيرهما، كما لو قال مالك: أنا جائع أو عطشان.
فليس كلِّ ما يقوله الإِمام هو مذهَبٌ له، بل تلك الخمسة خاصة. ولو قال إمامٌ: زيدٌ زَنَى. لم نوجب الرجم بقوله، بل نقول: هذه شهادة هو فيها أسوةُ جميعِ العدول، =

<<  <   >  >>