للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِسماعيل (١): هذه كانت عادتَهم بالمدينة: أنَّ الرجلَ لا يَدخلُ بامرأته حتى تَقبِضَ جميعَ صَداقها، واليومَ عادتُهم على خِلافِ ذلك، فالقولُ قولُ المرأة مع يمينها، لأجلِ اختلافِ العوائد.

إِذا تقرَّرَ هذا فأنا أسرُدُ لك أحكامًا نَصَّ الأصحابُ على أنَّ المُدْرَك فيها العادة، وأنَّ مُستنَدَ الفُتيا بها إِنما هو العادة، والواقعُ اليومَ خلافُه، فيتعيَّنُ تغيِيرُ الحكم على ما تقتضيه العادَةُ المتجدّدة.

وينبغي أن يُعلَم أنَّ معنى العادة في اللفظ: أن يغلِبَ إِطلاقُ لفظٍ واستعمالُه في معنى حتى يَصِيرَ هو المتبادِرَ من ذلك اللفظ عند الإِطلاق، مع أنَّ اللغة لا تقتضيه، فهذا هو معنى العادة في اللفظ، وهو الحقيقةُ العُرفيَّة،


(١) هو أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن حَمَّاد بن زيد الجَهْضَمي الأزدي، البغدادي القاضي المالكي، من أرفع بيوت العراق علمًا وسُؤددًا في الدين والدنيا. أصلُه من البصرة وبها نشأ، ثم استوطن بغداد وأخذَ عن شيوخها وفقهائها ومحدِّثيها، ورَوَى الحديث ورُوِي عنه، وغدا إمامًا فقيهًا حافظًا محصِّلًا درجةَ الإجتهاد، معدودًا في طبقات القراء وأئمة اللغة، من نظراء المبرِّد، وكان المبرِّد يقول: لولا اشتغالُه برئاسةِ الفقه والقضاء لذهب برئاستنا في النحو والأدب.
تفقَّهَ به أهلُ العراق من المالكية، وعنه انتشر مذهب مالك هناك، وتولَّى قضاء بغداد، وأضيف إليه قضاء المدائن والنهروانات، ثم تولَّى قضاءَ القضاةِ في بغداد إلى آخر حياته، وقد أقام في القضاء نحو خمسين سنة.
له التآليف الكثيرة في مختلِف العلوم، منها "موطأه" و "مسند حديث مالك بن أنس" و "مسند حديث أبي هريرة" و "مسند حديث ثابت البُنَاني" و "كتاب السنن" و "أحكام القرآن" و "معاني القرآن وإعرابُه"، و "المبسوط" في الفقه، وكُتبٌ في الرد على أبي حنيفة ومحمد بن الحسن والشافعي، و "كتاب الأصول" و "كتاب الأموال". ولد سنة ٢٠٠، وتوفي سنة ٢٨٢ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.

<<  <   >  >>