ثم قال القرافي: "ويُلحَقُ بالعبادات أسبابُها وشروطُها وموانِعُها المختلَفُ فيها، لا يَلزَمُ شيءٌ من الأحكام - المترتبة على اعتبار أحدِها - مَن لا يعتقدُهُ، بل يَتبع مذهبَه في نفسه، ولا يَلزَمُه قولُ ذلك القائل بحُكم الحاكم به". انتهى ملخصًا. ونوزعَ في هذا الِإلحاق وأُيَّد، انظر محشيه ابنَ الشاط ٤: ٤٩ و "تهذيب الفروق" ٤: ٩٠. ويُوضحُه أيضاً ما قاله الشيخُ ابن تيمية - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في "مجموع الفتاوى" ٣: ٢٣٨ - ٢٤٠: "إنَّما يَنفُذُ حُكمُ الحاكم في الأمور المعينة التي يَختصُّ بها من الحدودِ والحقوق، مثلِ قَتْلِ أو قذفِ أو مالِ ونحوِه، دون مسائل العلمِ الكليةِ مثلِ التفسير والحديث والفقه وغيرِ ذلك، وهذا فيه ما اتفقتْ عليه الأمَّة وفيه ما تنازعَتْ فيه. والأمَّةُ إِذا تنازعتْ في معنى آيةِ أو حديثِ أو حُكمِ خَبَري أو طَلَبي: لم يكن صِحَّةُ أحدِ القولين وفسادُ الآخَرِ ثابتًا بمجرَّدِ حُكمِ حاكم، فإنه إنَّما يَنفُذُ حُكمهُ في الأمور المعينةِ دون العامَّة. ولو جاز هذا لجاز أن يَحكمَ حاكم بأن قوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} هو الحِيَضُ أو الأطهار، ويكون هذا حُكماً يَلزمُ جميعَ النَّاسِ قبولُه، أو يَحكمَ بأن اللَّمْسَ في قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} هو الوطءُ أو المباشرةُ فيما دونه. أو يَحكمَ بأن {الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} هو الزوجُ أو الأبُ أو السيّد، وهذا لا يقوله أحد. وكذلك النَّاسُ إذا تنازعوا في باب العقيدة في غير ما هو بدعةٌ ظاهرة، تَعرِفُ العامَّةُ أنها مخالفةٌ للشريعة كبدعةِ الخوارج والروافض، وذلك كتنازعِهم في مثل قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، وكاختلافِهم في صفةِ الإستواء ومعناه على قولين، =