وكذلك في باب العباداتِ في مثلِ كونِ مَوفي الذكرِ يَنقُضُ أَوْ لا، وكونِ العَضر يُستَحبُّ تعجيلُها أو تأخيرُها، والفَجْرِ يُقنَتُ فيه دائمًا أَوْ لا، أو يُقنَتُ عند النوازل، ونحوِ ذلك. فكلامُ الحاكم فيما ذكرنا قبلَ الولاية وبعدَها سواء، وهو بمنزلةِ الكتب التي يُصنِّفُها في العلم". انتهى بتصرف. وقد تعرض الشيخ ابن تيمية لهذا الموضوع في مواطن كثيرة من كتبه وفتاواه انظر "مجموع الفتاوى" ٣٥: ٣٥٧ - ٣٦٠ و ٣٧٣ - ٣٨٧. قال العلامة الشيخ أحمد الطَّحْطَاوي الحنفي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -، في "حاشيته على الدر المختار" للحَصْكفِي ٣: ١٧٣، في أوائل كتاب القضاء: "القضاءُ إنَّما يكون في حادثةِ من خَصْم على خَصْم بدعوى صحيحة. فخرج ما ليس بحادثة، وما كان من العبادات. وبه عُلِمَ أنَّ الإتِّصالاتِ والتنافيذَ - جَمْعَ تنفيذ - الواقعةَ في زماننا، المجرَّدةَ عن الدعاوي: ليست حكمًا، وإنَّما فائدتُها تسليمُ الثاني للأول قضاءَه. قال الحَمَوي في "شرحه": وبالجملة ليس في التنفيذ حُكم ولا في الإِثبات، بل هو راجع إلى الحاكِم الأول، إلَّا أن يقولَ الثاني: حكمتُ بما حَكَم به الأول، وألزمتُ بمُوجَبِه ومقتضاه. وإذا عُرِفَ هذا عُلِمَ: أن التنفيذ الواقع في ديارنا ليس من الحكم في شيء، إذْ غايتُه إحاطةُ القاضي الثاني بحكم الأولِ على وجهِ التسليمِ له، و - عُلِمَ - معنى ما سيأتي من قولِ المصنف: "وإذا رُفع إليه حُكمُ قاضِ أمضاهُ أي أَلْزَمَ الحكم به، يعني إذا حصلت خصومة من مدَّعِ على خَصْم. انتَهَى". انتَهَى. وفيه زيادة عما يتصل بالمقام، أثبتُها لما فيها من فائدة هامة في التفرقة بين (التنفيذ) و (القضاء). هذا وقد عقَدَ العلامة القاضي ابن فرحون المالكي في كتابه "تبصرة الحاكم في أصول الأقضية ومناهج الأحكام" فصلاً مطولاً جداً ١: ٨١ - ٨٧ استَوفى في بيانَ ما يَفتقرُ لحكم الحاكم وما لا يَفتقر إليه، وتَبِعَه في هذا القاضي علاء الدين الطَرابلسي الحنفي في كتابه "مُعِين الحكام فيما يتردَّدُ بين الخصمين من الأحكام" ص ٤٠ - ٤٢ فانظرهما.