ونصُّ القرافي هنا: "أقضاكم عليّ، وأعلمُكم معاذ ... " بكاف الخطاب إنما هو من بابِ الروايةِ بالمعنى، والله أعلم. (١) قلتُ: وأشار - صلى الله عليه وسلم - بأقوى من هذا إلى إمامة أبي بكر - رضي الله عنه -، وذلك ما رواه البخاري في "صحيحه" ١٦:٧، و ١٨:١٣، و ٢٨٠ "عن مُحَّمد بن جُبَيْر بن مُطْعِم، عن أبيه قال: أتَتْ النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة من الأنصار، فكلَّمته في شيء، فأمَرَها أن تَرجعَ إليه، قالت: يا رسول الله، أرأيت إن جئتُ ولم أجدك؟ كأنها تعني الموت: قال: إن لم تجديني فأتي أبا بكر". وحديث "مروا أبا بكر ... ". رواه البخاري في مواضع من"صحيحه" ٢: ١٢٨ و ١٣٧ و ١٣٨ و ١٧٠، و ٢٩٩:٦، و ٢٣٥:١٣، ومسلم ٤: ١٤٠ و ١٤٤، والنسائي ٩٩:٤، وابن ماجه ١: ٣٨٩ و ٣٩١. وقولُه: "يُصلِّي بالناس" هكذا في بعض الروايات، ومعناها: فهو يُصلِّي، وفي أكثرها: "فليُصِلِّ بالناس". وفي نسخة (ر): بلفظ (مُرُوا أبا بكر يُصَلِّ بالناس). وأراد المؤلِّفُ بإيراد هذين الحديثين حديثِ "أقضاكم علي" وحديثِ "مُرُوا أيا بكر" التنبيهَ على ما يُقدَّمُ به كل واحد من هؤلاء الصحابةِ الأجلَّةِ على سواه، وقد شَرَحَ هذا المعنى في مواضع من كتابه "الفروق" ٥: ١٤٢ في الفرق (٩١)، و ١٩٧ في الفرق (٩٦)، و ٢٢٧ في الفرق (١١٣)، فقال - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: "اعلم أنه يجب أن يُقدَّمَ في كلِّ ولايةٍ مَنْ هو أقومُ بمصالحها على من هو دونه، فيُقدَّمُ في ولاية الحروب من هو أعرَفُ بمكايِدِ الحروب، وسياسةِ الجيوش، والصولةِ على الأعداء، والهيبةِ عليهم. =