للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى أتت أباها أبا بكر، قال لها أبو بكر: ما لك؟ قالت: أخرجني رسول الله من بيته، قال لها أبو بكر: فأخرجك رسول الله وآويك! أنا والله لا آويك؛ حتى يأمر رسول الله ، فأمره رسول الله أن يؤويها، فقال لها أبو بكر: والله؛ ما قيل لنا هذا في الجاهلية قط، فكيف وقد أعزنا الله بالإسلام؟ فبكت عائشة وأمها أم رومان وأبو بكر وعبد الرحمن، وبكى معهم أهل الدار، وبلغ ذاك النبي ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، فقال: "أيها الناس! من يعذرني ممن يؤذيني؟ "، فقام إليه سعد بن معاذ، فسل سيفه، فقال: يا رسول الله! أنا أعذرك منه، إن يك من الأوس؛ أتيتك برأسه، وإن يك من الخزرج! أمرتنا بأمرك فيه، فقام سعد بن عبادة فقال: كذبت! والله؛ ما تقدر على قتله، إنما طلبتنا بذهول كانت بيننا وبينكم في الجاهلية، فقال هذا: يا للأوس! وقال هذا: يا للخزرج! فاضطربوا بالنعال والحجارة وتلاطموا، فقام أسيد بن حضير فقال: فيم الكلام؟ هذا رسول الله يأمرنا بأمره فسفد عن رغم أنف من رغم، ونزل جبريل وهو على المنبر، فصعد إليه أبو عبيدة بن الجراح فاحتضنه، فلما سري عنه؛ أومأ رسول الله إلى الناس جميعاً، ثم تلا عليهم ما نزل به جبريل فنزل: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي﴾ [الحجرات: ٩] بالسيف إلى آخر الآيات، فصاح الناس: رضينا يا رسول الله! بما أنزل الله من القرآن، فقام بعضهم إلى بعض فتلازموا وتصالحوا، ونزل النبي عن المنبر، وانتظر الوحي في عائشة، وبعث إلى علي وأسامة وبريرة، وكان إذا أراد أن يستشير امرءاً؛ لم يدع علياً وأسامة -بعد موت أبيه زيد-، فقال لعلي: "ما تقول في عائشة؟ فقد أهمني ما قال الناس فيها"، فقال له: يا رسول الله! قد قال الناس، وقد حل لك طلاقها، وقال لأسامة: "ما تقول أنت؟ "، قال: سبحان الله! ما يحل لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم، فقال لبريرة: "ما تقولين يا بريرة؟ "، قالت:

<<  <  ج: ص:  >  >>