للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأصحابه حين قرأ الكتاب: سمعاً وطاعة، من كان منكم له رغبة في الشهادة؛ فلينطلق معي؛ فإِني ماضٍ لأمرِ رسول الله ، ومن كره ذلك منكم؛ فليرجع؛ فإِن رسول الله قد نهاني أن أستكره منكم أحداً، فمضى معه القوم، حتى إذا كانوا ببحران؛ أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يَعْتَقِبانِهِ، فتخلفا عليه يطلبانه، ومضى القوم حتى نزلوا نخلة، فمر بهم عمرو بن الحضرمي، والحكم بن كيسان، وعثمان والمغيرة ابنا عبد الله، معهم تجارة قدموا بها من الطائف: أَدَمٌ، وزبيب، فلما رآهم القوم؛ أشرف لهم واقد بن عبد الله، وكان قد حلق رأسه، فلما رأوه حليقاً؛ قالوا: عُمَّارٌ ليس عليكم منهم بأس، وائتمر القوم بهم أصحاب رسول الله ، وهو آخر يوم من رجب، فقالوا: لئن قتلتموهم؛ إنكم لتقتلونهم في الشهر الحرام، ولئن تركتموهم؛ ليدخلن في هذه الليلة مكة الحرم؛ فليَمْتَنِعُنَّ منكم، فأجمع القوم على قتلهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وهرب المغيرة؛ فأعجزهم، واستاقوا العير، فقدموا بهم على رسول الله ، فقال لهم: "والله ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام"، فأوقف رسول الله الأسيرين والعير فلم يأخذ منها شيئاً، فلما قال لهم رسول الله ما قال؛ أسقط في أيديهم، وظنوا أن قد هلكوا، وعنَّفَهم إخوانهم من المسلمين، وقالت قريش حين بلغهم أمر هؤلاء: قد سفك محمدٌ الدَّمَ الحَرَام، وأخذ فيه المال، وأسر فيه الرجال واستحل الشهر الحرام؛ فأنزل الله ﷿ في ذلك: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾ [البقرة: ٢١٧].

يقول: الكفر بالله أكبر من القتل، فلما نزل ذلك؛ أخذ رسول الله العير وَفَدى الأسيرين، فقال المسلمون: يا رسول الله! أتطمع لنا أن تكون

<<  <  ج: ص:  >  >>