للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= من الأنصار، ثم أحد بني سلمة-، فقال: أنا يا رسول الله عالمٌ بها وبِقُلُبها، إن رأيت أن تسير إلى قَليب منها قد عرفتها كثيرة الماء عذبةٌ؛ فَتَنْزِلَ عليها، وتسبق القوم إليها، وتغوِّر ما سواها، فقال رسول الله : "سيروا؛ فإن الله -تعالى- قد وعدكم إحدى الطائفتين أنها لكم" فوقع في قلوب الناس كثير الخوف، وكان فيهم شيء من تخاذل من تخويف الشيطان.
فسار رسول الله والمسلمون مسابقين إلى الماء، وسار المشركون سراعاً يريدون الماء؛ فأنزل الله عليهم في تلك الليلة مطراً واحداً، فكان على المشركين بلاءً شديداً منعهم أن يسيروا، وكان على المسلمين ديمة خفيفة لبَّد لهم المسير والمنزل وكانت بطحاء دهِسَةً، فسبق المسلمونَ إلى الماء فنزلوا عليه شطر الليل، فاقتحم القوم في القليب فماحوها حتى أكثر ماؤها وصنعوا حوضاً عظيماً ثم غَوروا ما سواه من المياه. وقال رسول الله : "هذه مصارعهم -إن شاء الله تعالى- بالغداة"، وأنزل الله ﷿: ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (١١)﴾. ويقال: كان مع رسول الله فرسان؛ على أحدهما: مصعب بن عمير، وعلى الآخر: سعد بن خيثمة، وَمَرَّةً الزبير بن العوام، وَمَرَّةً المقداد بن الأسود، ثم صف رسول الله على الحياض فلما طلع المشركون قال رسول الله زعموا: "اللهم هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها تُحَادُّكَ وتُكَذِّبُ رسولك، اللهم إني أسألك ما وعدتني -ورسول الله ممسك بعضد أبي بكر يقول:- اللهم إني أسألك ما وعدتني"؛ فقال أبو بكر: يا نبي الله! أبشر فوالذي نفسي بيده لينجزن الله -تعالى- لك ما وعدك، فاستنصر المسلمون الله -تعالى- واستغاثوه؛ فاستجاب الله -تعالى- لنبيه وللمسلمين.
وأقبل المشركون ومعهم إبليس في صورة سراقة بن جعشم المدلجي يحدثهم أن بني كنانة وراءه قد أقبلوا لنصرهم، وأنه لا غالب لكم اليوم من الناس، وإني جار لكم، لما أخبرهم من سير بني كنانة.
قال: وأنزل الله -تعالى-: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ﴾ هذه الآية والتي بعدها، قال رجال من المشركين -ممن ادعى الإِسلام وخرج بهم المشركون كرهاً لما رأوا قلة مع محمد وأصحابه-: غرّ هؤلاء دينهم، قال الله -تعالى-: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ الآية كلها. =

<<  <  ج: ص:  >  >>