للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقول عبد القاهر: (قولهم، إن المعاني لا تتزايد وإنما تتزايد الألفاظ) إشارة واضحة - أيضاً - إلى قول القاضي عبد الجبار: (فإن قال قائل: فقد قلتم: إن في جملة ما يدخل في الفصاحة حسن المعنى، فهلا اعتبرتموه؟ قيل له: إن المعاني - وإن كان لا بد منها - فلا تظهر فيها المزية، ولذلك نجد المعبرين عن المعنى الواحد، يكون أحدهما أفصح من الآخر والمعنى متفق، على أن المعاني لا يقع فيها تزايد، فإذن يجب أن يكون الذي يعتبر التزايد عنده الألفاظ التي يعبر بها عنها) (١).

٣ - أن قول عبد الجبار: (ولذلك نجد المعبرين عن المعنى الواحد يكون أحدهما أفصح من الآخر، والمعنى متفق) (٢) في مجال محاولته إثباب المزية - في الفصاحة - للألفاظ، قد أشار إليه عبد القاهر، في فصل من الدلائل مطول، ورأى أن هذا القول هو أصل الفساد، ومعظم الآفة، والذي صار حجازاً بين القوم وبين التأمل".

وذلك هو قولهم: إن العقلاء قد اتفقوا على أنه يصح أن يعبر عن المعنى الواحد بلفظين، ثم يكون أحدهما فصيحاً، والآخر غير فصيح، وذلك كما قالوا - يقتضي أن يكون للفظ نصيب في المزية، لأنها لو كانت مقصورة على المعنى، لكان محالاً أن يجعل لأحد اللفظين فضل على الآخر مع أن المعبر عنه واحد".

ثم تأكيدهم له بأنه: لولا أن الأمر كذلك لكان ينبغي أن لا يكون للبيت من الشعر فضل على تفسير المفسر له، لأنه إن كان اللفظ إنما يشرف


(١) المغنى في أبواب التوحيد والعدل ١٦/ ١٩٧.
(٢) نفس المصدر.

<<  <   >  >>