للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنها باباً، باباً ثم يقال، ليس إلا أحد الأمرين: إما أن تقتحموا التي لا يرضاها العاقل، فتنكروا أن يكون بكم حاجة في كتاب الله تعالى، وفي خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي معرفة الكلام جملة .. وإما أن تعلموا أنكم قد أخطأتم حين أصغرتم هذا العلم، وظننتم ما ظننتم فيه؛ فترجعوا، إلى الحق، وتسلموا الفضل لأهله" (١).

وقد وردت المعاني التالية - في رد عبد القاهر على تلك الطائفة:

١ - صحيح الكلام من سقيمه يعرف بالإعراب.

٢ - الألفاظ مغلقة على معانيها، والإعراب هو الذي يفتحها، والأغراض كامنة فيها، والإعراب هو المستخرج لها.

٣ - الإعراب - في نظر عبد القاهر - هو المعيار الذي لا يتبين نقصان كلام ورجحانه حتى يعرض عليه والمقياس الذي لا يعرف صحيح من سقيم حتى يرجع إليه.

وأنت تلاحظ الصلة الوثيقة بين كل من كلام أبي سعيد السيرافي، وكلام عبد القاهر الجرجاني، فقد عبر أبو سعيد السيرافي عن الإعراب بالميزان، وعبر عنه عبد القاهر، بالمعيار، والمعيار هو الميزان، كما عبر عنه - أيضاً - بالمقياس، وقد اتفقا على أن الإعراب يعرف به صحيح الكلام من سقيمه، كما يعرف به النقصان من الرجحان.

كما أنك تلاحظ: أن الموضع الذي ورد فيه كلام أبي سعيد، هو أول المناظرة، وأن الموضع الذي ورد فيه كلام عبد القاهر هو: أول الدلائل، وكأن عبد القاهر، قد أراد أن يسير في كتابه هذا سير المناظر؛ فوضع نفسه موضع أبي سعيد السيرافي، وبدأ بأول شيء جاء على لسان متى بن


(١) الدلائل ٢٥، ٢٦، ٢٧ (السيد محمد رشيد رضا).

<<  <   >  >>