للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يونس وامتد إلى أتباعه المنطقين من بعده، وهو: أن المنطق يعرف به صحيح الكلام من سقيمه؛ وبين لهم أن صحيح الكلام من سقيمه إنما يعرف بالإعراب، إذ هو المعيار الذي يتبين به النقصان من الرجحان، والمقياس الذي يتبين به الصحيح من السقيم.

ولهذا كان تأليف "الدلائل" غير تأليف "الأسرار" ففي الأسرار يتبع عبد القاهر المنهج الموضوعي الذي يرتب الأفكار في خطة يقدمها بين يدي بحثه، ثم يبحثها بحثاً متأنياً هادئاً، ولكنه في الدلائل يجرى على سنن المنظرة؛ فيكثر من قوله: (فإن قلتم كذا) (قلنا كذا) بأسلوب يتوقد حماساً وغيرة على فكرته التي آمن بها: وهي أن النظم هو تنبع معاني النحو فيما بين الكلم، على حسب الأغراض التي يساق لها الكلام.

وهكذا تجد أنك قد عثرت على أول خيط يربط بين "دلائل الإعجاز" ومناظرة أبي سعيد السيرافي - وإن كان عبد القاهر لم يذكر أبا سعيد السيرافي ضمن من أفاد منهم، حتى لا يعرف فضل أبي سعيد على عبد القاهر، وحتى تسلم له النظرية، ويذكر - وحده - بالفضل!

<<  <   >  >>