للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس معنى هذا، أن الفكر لا يتعلق بمعاني الكلم المفردة أصلاً، وإنما يريد: أنه لا يتعلق بها مجردة من معاني النحو، لأنك إذا فكرت في الفعلين، أو الاسمين، تريد أن تخبر بأحدهما عن الشيء، أيهما أولى أن تخبر به عنه، وأشبه بغرضك؟ مثل: أن تنظر أيهما أمدح أو أذم، وفكرت في الشيئين، تريد أن تشبه الشيء بأحدهما: أيهما أشبه به، كنت قد فكرت في معاني أنفس الكلم، إلا أن فكرك ذلك لم يكن إلا من بعد أن توخيت فيها من معاني النحو وهو: أن أردت جعل الاسم الذي فكرت فيه خبراً عن شيء أردت فيه مدحاً، أو ذماً. أو تشبيهاً أو غير ذلك من الأغراض، ولم تجئ إلى فعل، أو اسم، ففكرت فيه فرداً، ومن غير أن لك قصداً أن تجعله خبراً، أو غير خبر.

ولهذا: لم يكن الفعل وحده دون الاسم، ولا الاسم وحده دون اسم آخر، أو فعل كلاماً، وكنت لو قلت: خرج، ولم تأت باسم. ولا قدرت فيه ضمير الشيء، أو قلت: زيد، ولم تأت بفعل ولا سم آخر، ولم تضمره في نفسك، كان ذلك وصوتاً تصوته سواء.

قال عبد القاهر - مفسراً معنى النظم - ومتأثراً بفكرة أبي سعيد السيرافي، في كيفية نظم الاسم، والفعل، والحرف:

"معلوم أن ليس النظم سوى تعلق الكلم بعضها ببعض، وجعل بعضها بسبب من بعض.

والكلم ثلاث: اسم، وفعل، وحرف، وللتعلق فيما بينها طرق معلومة وهو لا يعدو ثلاثة أقسام تعلق اسم باسم، وتعلق اسم بفعل، وتعلق حرف بهما.

ثم ذكو كيفية التعلق في كل قسم من هذه الأقسام، إلى أن قال:

<<  <   >  >>