للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعنوان: (فصل في أن هذه المزايا في النظم بحست المعاني والأغراض التي تؤم) مكملا شطرها الآخر؛ وقال فيه:

" .. وإذ قد عرفت أن مدار النظم على (معاني النحو) وعلى الوجوه والفروق التي من شأنها أن تكون فيه؛ فأعلم أن الفروق والوجوه كثيرة، ليس لها غاية تقف عندها، ونهاية لا تجد لها ازدياداً بعدها، ثم أعلم أن ليست المزية بواجبة لها في أنفسها، ومن حيث هي على الإطلاق، ولكن تعرض لها بسبب المعاني، والأغراض التي يوضع لها الكلام، ثم بحسب موقع بعضها من بعض، واستعمال بعضها مع بعض.

وإنما سبيل هذه المعاني سبيل الأصباغ التي تعمل منها الصور والنقوش، فكما أنك قد ترى الرجل قد تهدى في الأصباغ التي عمل منها الصورة والنقش في ثوبه الذي نسج إلى ضرب من التخير والتدبر في أنفس الأصباغ، وفي مواقعها، ومقاديرها، وكيفية مزجه لها، وترتيبه إياها. إلى ما لم يتهد إليه صاحبه، فجاء نقشه من أجل ذلك أعجب، وصورته أغرب، كذلك حال الشاعر والشاعر، في توخيهما معاني النحو، ووجوهه التي علمت أنها محصول النظم" (١).

وقد كدت أثبت لعبد القاهر هذا الفضل، وأن إتمام النظرية لكان من بنات أفكاره، وذلك قبل أن أتأكد من أن (سر الفصاحة) لابن سنان الخفاجي الذي انتهى منه في الثاني من شعبان سنة ٤٥٤ هـ قد ألف قبل (دلائل الإعجاز) فلما ثبت لدى ما يؤكد لي أسبقية (سر الفصاحة) على (دلائل الإعجاز) (٢) أمعنت النظر فيه لكي أنبين مواطن الأخذ منه "للدلائل"، فوجدت أن الشطر الآخر من نظرية النظم، وهو قول


(١) الدلائل ٦٩، ٧٠.
(٢) مضى ذلك في هذا البحث.

<<  <   >  >>