للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الصانع المؤلف فهو الذي ينظم الكلام بعضه مع بعض، كالشاعر، والكاتب، وغيرهما.

وأما الصورة: فهي كالفصل للكاتب، والبيت للشاعر وما جرى مجراهما.

وأما الآلة: فأقرب ما قيل فيها: طبع هذا الناظم، والعلوم التي اكتسبها بعد ذلك، ولهذا لا يمكن أحداً أن يعلم الشعر من لا طبع له - وإن جهد في ذلك - لآن الآلة التي يتوصل بها غير مقدورة لمخلوق، ويمكن تعلم سائر الصناعات لوجود كل ما يحتاج إليه من آلاتها.

وأما الغرض: "بحسب الكلام المؤلف، فإن كان مدحاً، كان الغرض به قولاً ينبئ عن حال الممدوح وإن كان هجوا، فبالضد، وعلى هذا القياس كل ما يؤلف، وإذا تأملته وجدته كذلك" (١).

وواضح من الفقرة الأخيرة من كلام ابن سنان، ومن ترتيبه للأمور التي تقوم عليها عملية النظم: أنه يجعل الغرض ثمرة نهائية للنظم، لأنك إنما تنظم كلاماً في المدح - مثلاً - لتنبئ به عن عظم الممدوح، أو في الهجاء، لتنبئ به عن حقارة المهجو، وهكذا ...

وهذا المعنى يفيد: أنك: تتوخى معاني النحو فيما بين الكلم على حسب الأغراض التي يساق لها الكلام، فإن كان الغرض هو الأخبار عن رفعة الممدوح - مثلاً - ذكرت المسند إليه لتعظيمه، وإن أردت الإخبار عن حقارته حذفته، لتصون لسانك عن ذكره، وهكذا.

وحقاً، إن ابن سنان يقول: (الغرض بحسب الكلام) بينما يقول عبد القاهر: (الكلام بحسب الغرض) وذلك لأن نظرة كل منها إلى النظم


(١) سر الفصاحة ٨٣، ٨٤.

<<  <   >  >>