للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الألوان التي تعمل بها الصور، والنقوش في الثوب، فقال: وإنما سبيل هذه المعاني سبيل الأصباغ التي تعمل منها الصور والنقوش، فكما أنك ترى الرجل قد تهدى في الأصباغ التي عمل منها الصورة، والنقش فكما أنك ترى الرجل قد تهدى في الأصباغ التي عمل منها الصورة، والنقش في ثوبه الذي نسج إلى ضرب من التخير والتدبر في أنفس الأصباغ، وفي مواقعها، ومقاديرها، وكيفية مزجه لها، وترتيبه إياها، إلى ما لم يتهد إليه صاحبه، فجاء نقشه من أجل ذلك أعجب، وصورته أغرب، كذلك حال الشاعر والشاعر في توخيهما معاني النحو، ووجوهه التي علمت أنها محصول النظم" (١).

ولم يقف عبد القاهر عند هذا الحد، في الانتفاع بفكرة السيرافي، في تشبيهه الكلام بالثوب، والنظم بالنسج، والمعنى بالسدى، واللفظ باللحمة، ورقة اللفظ برقة السلك، وغلظه، بغلظه وإنما انتفع بها في كل موضع احتاج فيه إلى تقريب عملية النظم من القارئ:

١ - ففي الرد على من عرف الفصاحة، والبلاغة، والبراعة من العلماء. ولم يسبر غوزها، ولم يصل إلى كنهها، وحقيقة معناها، ولم يزد على: أن المعول عليه هو: أن ههنا نظماً وترتيباً، وتأليفاً وتركيباً، وصياغة وتصويراً ونسجاً وتحبيراً، وأن سبيل هذه المعاني في الكلام الذي هي مجاز فيه سبيلها في الأشياء التي هي حقيقة فيها، وأنه كما يفضل - هناك - النظم النظم، والتأليف التأليف، والنسج النسج والصياغة الصياغة، ثم يعظم الفضل، وتكثر المزية، حتى يفوق الشيء نظيره، والمجانس له درجات كثيرة، وحتى تتفاوت القيم التفاوت الشديد، كذلك يفضل الكلام بعضه بعضاً، ويتقدم الشيء الشيء ثم يزداد فضله ذلك ويترقى منزلة بعد منزلة، ويعلو مرقباً بعد مرقب، وتستأنف له غاية بعد غاية،


(١) الدلائل ٧٠.

<<  <   >  >>