حتى ينتهي إلى حيث تنقطع الأطماع، وتحسر الظنون، وتسقط القوى، وتستوي الأقدام في العجز.
يرد عبد القاهر على هذا القائل بقوله: مازدتم على أن قستم قياساً، فقلتم نظم ونظم، وترتيب وترتيب ونسج ونسج، ثم ينيتم عليه: أنه ينبغي أن تظهر المزية في هذه المعاني ههنا حسب ظهورها هناك، وأن يعظم الأمر في ذلك كما عظم ثم؛ وهذا صحيح كما قلتم، ولكن: بقى أن تعلمونا مكان المزية في الكلام وتصفوها لنا، وتذكروها ذكراً، كما ينص الشيء ويعين، ويكشف وجهه ويبين، ولا يكفي أن تقولوا، إنه خصوصية في كيفية النظم، وطريقة مخصوصة في نسق الكلم بعضها على بعض، حتى تصفوا تلك الخصوصية وتبينوها، وتذكروا لها أمثلة، وتقولوا: مثل كيت، وكيت، كما يذكر لك من تستوصفه عمل الديباج المنقش ما تعلم به وجه دقة الصنعة، أو يعمله بين يديك، حتى ترى عياناً، كيف تذهب تلك الخيوط وتجئ، وماذا يذهب منها طولاً، وماذا يذهب منها عرضاً، وبم يبدأ، وبم يثنى، وبم يثلث، وتبصر من الحساب الدقيق ومن عجيب تصرف اليد ما تعلم منه مكان الحذق، وموضع الأستاذية" (١).
٢ - كما يرد على القاضي عبد الجبار، الذي عرف الفصاحة بأنها خصوصية في نظم الكلم، وضم بعضها إلى بعض على طريق مخصوصة - بأن هذا القول منه - في تعريف الفصاحة - لو كان كافياً - في معرفتها - ومغنياً في العلم بها، لكفى مثله في معرفة الصناعات كلها، فكان يكفي - في معرفة نسج الديباج الكثير التصاوير - أن تعلم: أنه ترتيب للغزل على وجه مخصوص، وضم لطاقات الإبريسم، بعضها إلى بعض على طرق شتى، وذلك ما لا يقوله عاقل.