للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيت من الشعر، أو فصل من النثر، فتؤديه بعينه، وعلى خاصيته وصنعته بعبارة أخرى حتى يكون المفهوم من هذه هو المفهوم من تلك لا يخالفه في صفة، ولا وجه، ولا أمر من الأمور.

ولهذا كان قولهم: قد أتى بالمعنى بعينه، وأخذ معنى كلامه، فأداه على وجهه تسامح منهم. والمراد: أنه أدى الغرض، لا أنه أدى المعنى بعينه.

وكذلك قولهم - في قوله تعالى: "ولكم في القصاص حياة" وقول الناس: (قتل البعض إحياء للجميع): إنهما عبارتان معبرهما واحد، ولا يمكن الأخذ بظاهره، إذ ليس المفهوم من أحد الكلامين هو المفهوم من الآخر" (١).

وقد سبق أبو هلال العسكري، وابن سنان الخفاجى إلى بيان الفروق بين قوله تعالى: "ولكم في القصاص حياة" وقول العرب: (القتل أنفى للقتل" فأفاد عبد القاهر منهما" (٢).

٤ - وقد اكتشف عبد القاهر بذكائه. والمعينة أن تشبيه الكلام بالثوب، والنظم بالنسج - وإن كان شائعاً بين النقاد - إلا أنه ليس مؤدياً للغرض المنشود لهم كما ينبغي الأداء، لأنه قد يكون لنظم معنى" ويمكن تأويله تأويلا آخر فيؤدي معنى آخر، دون أن يتغير النظم، ولكنك إذا أردت من النسج صورة أخرى فلابد أن تغير النسج:


(١) الدلائل ٢٠١، ٢٠٢.
(٢) الصناعتين ١٦٨: وسر الفصاحة) ٢٠٠، ٢٠١.

<<  <   >  >>