فهذا المذهب باختصار هو (حقائق الأشباه، وأشباه الحقائق).
وهكذا: فإنك بالنحو ستصل إلى المعاني التي لا تستطيع الوصول إليها بعلم المنطق، فالمنطق لم يفصل بين مختلفين، ولم يرفع الخلاف بين اثنين فهل قوة المنطق هي التي جعلتك تعتقد أن الله ثالث ثلاثة؟ وأن ما تقولونه صحيح؟ هيهات!
كما أنه يمكننا - أيضاً -: أن نصوغ رد عبد القاهر على المعتزلة على النحو التالي:
إن زهدكم في علم النحو، وإصغاركم أمره، واحتقاركم له، أشبه أن يكون صداً عن كتاب الله تعالى، لأن الألفاظ مغلقة على معانيها، والإعراب هو الذي يفتحها، فهو المعيار الذي لا يتبين نقصان كلام ورجحانه حتى يعرض عليه، والمقياس الذي لا يعرف صحيح كلام من سقيمه حتى يعرض عليه، فسلامة النظم تبينها سلامة الإعراب، وعميلة النظم تتم على أساس النظر في الكلم، التي تتكون من الأسماء، والأفعال، والحروف، وانتقائها، ثم ترتيبها في النطق على حسب ترتيبها في النفس.
فإذا كنت قد علمت إطباق العلماء على تعظيم شأن النظم، وتفخيم أمره، والتنويه به، فاعلم أن النظم ليس إلا أن تضع كلامك الموضع الذي يقتضيه علم النحو، وتعمل على قوانينه، وأصوله وتعرف مناهجه التي نهجت، فلا تزيغ عنها، وتحفظ الرسوم التي رسمت لك، فلا تخل بشيء منها.
وباختصار شديد: النظم هو: (توخي معاني النحو فيما بين الكلم) وليست معاني النحو واجبة لها في ذاتها، وإنما بحسب الأغراض التي يساق لها الكلام، ثم بحسب موقع بعضها من بعض، كالأصباغ التي تعمل منها