للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصور والنقوش في الثواب بالتخير والتدبر فيها وفي مواقعها، ومقاديرها وكيفية مزجها.

وهذا الكلام المنظوم على ضربين: ضرب أنت تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده، وضرب آخر أنت لا تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده، ولكن يدلك اللفظ على معناه الذي يقتضيه موضوعه في اللغة، ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية تصل بها إلى الغرض، ومداد هذا الأمر على: الكناية، والاستعارة، والتمثيل.

وههنا عبارة مختصرة، وهيي أن تقول: (المعنى، ومعنى المعنى).

وإذا كانوا قد شبهوا النظم بالنسج فإن ذلك التشبيه إنما هو بحسب الظاهر، وإلا فإنك قد تتأول في العبارة معنى يصح معه التقدير الإعرابي دون أن يتغير النظم، ولكنك إذا أردت قصداً آخر على قصدك الأول من النسج فإنه لا بد من أن تفك خيوطه، وتنسجه من جديد.

ولهذا فإن المفسر لكلام الله تعالى، قد تزل قدمه إذا لم يكن على علم بقواعد النحو، لأن من الآيات ما يحتمل أكثر من تأويل، كما في الآية الكريمة: "ولا تقولوا ثلاثة" فقد ذهبوا في رفع (ثلاثة) إلى أنها خبر مبتدأ محذوف، وقالوا: إن التقدير: ولا تقولوا: آلهتنا ثلاثة، وليس ذلك بمستقيم، لأنه - والعياذ بالله - شبه الإثبات أن ههنا آلهة، على أنه يمكن أن تقدر المعنى هكذا: ولا تقولوا: الله والمسيح وأمه ثلاثة أي لا تعبدهما كما نعبد الله، يبين ذلك قوله تعالى: "لقد كفر الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة".

<<  <   >  >>