للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للقرآن، قد أتى بمثله محتذياً، فلا يكون بذلك معارضاً، وعلى هذا - أيضاً - كان يقع التحدي من العرب بعضهم بعضاً، بالأشعار على سبيل الابتداء (١).

ثم يقول ابن سنان: وقد اعتمد أبو الهذيل -وأبو علي أيضاً- على قوله تبارك تعالى: "وإن احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله" ولا خلاف بين الأمة أن المسموع في المحاريب كلام الله تعالى على الحقيقة، والجواب عن هذا، أن إضافة الكلام إلى المتكلم -إن كان الأصل فيها أن يكون من فعله- فقد صار بالتعارف يضاف إليه إذا وردت مثل صورة كلامه، ولهذا يقولون فيما نسمعه الآن: هذه قصيدة امرئ القيس -وإن كان الفاعل لذلك غيره- وقد صار هذا بالتعارف حقيقة، حتى يقدم أحد على أن يقول: ما سمعت شعر امرئ القيس على الحقيقة، وقد تخطى ذلك إلى أن صاروا يشيرون إلى ما في الدفتر، ويقولون: هذا علم فلان، وهذا كلام فلان، لما كان مثل هذه الصورة" (٢).

وقد تضمن رداً ابن سنان: أن التحدي يقع ابتداء، والقارئ للقرآن يأتي بمثله محتذباً وأن العرب كانت تتحدى بعضها بالأشعار، وأن قارئ الشعر -كشعر امرئ القيس وغيره من الشعراء، يسمى محتذياً-.

وقد أفرد عبد القاهر -في آخر الدلائل- سبع صفحات للرد على هذا الرأي تضمنت ما يلي:


(١) سر الفصاحة ٣٨.
(٢) نفس المصدر.

<<  <   >  >>