امتنع أن يوصف بها المعنى، فيقال:"معنى فصيح" و "كلام فصيح المعنى"؟ ، فيقال -في الرد عليه-: إنما اختصت الفصاحة باللفظ، وكانت من صفته، من حيث كانت عبارة عن كون اللفظ على وصف -إذا كان عليه- دل على المزية التي نحن في حديثها (١).
ثالثاً: أن "سر الفصاحة" لو كان قد صنف بعد الدلائل -وفي الدلائل هجوم قوى على من يجعلون الفصاحة في ضم الكلمات بعضها إلى بعض، دون الإشارة إلى تتبع معاني النحو، وأنها في جزالة اللفظ وحسن المعنى، منا بعين بذلك عبد الجبار -وقد كان ابن سنان من هؤلاء- لتجرد ابن سنان المواد على عبد القاهر، مشيراً إلى معاني النحو التي رددها عبد القاهر -في الدلائل- ما يقرب من ستين مرة، ولكن "سر الفصاحة" لا يبدو فيه أي رد على عبد القاهر، بل وليس فيه ذكر لعبارة "معاني النحو" أصلاً، مما يدل على أن عبد القاهر، هو الذي تأثر بابن سنان في فصله بين الفصاحة والبلاغة، مجوزاً، أن يفصل أحدهما على الآخر وأن تجعل اسماً مشتركاً بينهما.
رابعاً: أن ابن سنان -في سر الفصاحة- رد على أبي على الجباني- الذي يرى أن قارئ القرآن، لم يأت بمثله "لأنه لو كان القارئ، لا يسمع منه ما فعله دون كلام الله تعالى، لبطل التحدي، وخرج من أن يكون معجزاً، لأنه لو كانت الحكاية غير المحكى -وهي مثله- لكان كل من فعل القرآن "أي قرأه" قد أتى بمثله على الحقيقة، والتحدي يضمن أنهم لا يأتون بمثله على الحقيقة" رد ابن سنان على هذا: بأن التحدي إنما وقع بفعل مثل القرآن على الابتداء، دون الاجتذاء، والتالي