العلماء من تنافس وتحاسد؛ وقد كان عبد القاهر من تابعي مدرسة أبى على الفارسي في النحو، إذ يذكر أبو حيان التوحيدي أن أبا على الفارسي قد اشتري شرح أبى سعيد السيرافي، في الأهواز عند توجيه إلى بغداد .. وأن هذا حديث شهور؛ وإن كان أصحابه يأبون الإقرار به؛ إلا من زعم أنه أراد النقض عليه، وإظهار الخطأ فيه (١)؛ كما انه يذكر - أيضاً - أن أبا على الفارسي كان غائباً عن المجلس الذي جرت فيه المناظرة بين أبى سعيد السيرافي ومتى بن يونس، فلما حدث بما كان، أصبح يكتم الحسد لأبى سعيد؛ على ما فاز به؛ من هذا الحديث المشهور، والثناء المذكور - على حد تعبيره (٢).
ولهذا: فإنني قد رأيت أنه من الإنصاف للحقيقة أن أكتب هذه الصفحات؛ مرجعاً الفضل إلى أهله، ومبيناً المنابع الحقيقة التي استقى منها عبد القاهر الجرجانى أفكار كتابه:" دلائل الإعجاز" بعد ان ظلت تلك المنابع قروناً عديدة في زوايا الإهمال، وخبايا النسيان! ؛ واجباً من الله تعالى أن يوفقني فيما إليه قصدت من المشاركة في الحفاظ على تراث اللغة العربية الفصحى؛ لغة القرآن الكريم، وما توفيقي إلا بالله؛ عليه توكلت وإليه أنيب؟ .