ويراد في المعنى؛ وليس الأمر كذلك في بيت الخنساء؛ لأنا إذا جعلنا المعنى فيه كالمعنى إذا نحن قلنا: فإنما هي ذات إقبال وإدبار؛ أفسدنا الشعر على أنفسنا، وخرجنا إلى شيء مغسول وإلى كلام عاهى مرذول .. ".
فالوجه: أن يكون تقدير المضاف في هذا: على أنه لو كان الكلام قد جيء به على ظاهره، ولم يقصد به إلى الذي ذكرنا من المبالغة والاتساع، وان تجعل الناقة كأنها صارت بجملتها إقبالاً وإدباراً حتى كأنها قد تجسمت منهما. لكل حقه حينئذ أن يجاه فيه بلفظ الذات؛ فيقال، إنما هي ذات إقبال وإدبار؛ فأما أن يكون الشعر الآن موضوعاً على إرادة ذلك، وعلى تنزيله منزلة المنطوق به؛ فما لا مساغ له عند من كان صحيح المعرفة؛ نسابة للمعاني" (١)
فما الذي جعل عبد القاهر الجرجاني يذكر أبا على الفارسي في الدلائل - ثلاث مرات؛ بل ويذكر كتبه التي تقل منها؛ وهي:" الإغفال" و " الشيرازيات" و " التذكرة" ولا يذكر أبا سعيد السيرافي؛ مع أن الفكرة التي قامت عليها" الدلائل" نابعة من مناظرته؟ !
ربما كان ذلك راجعاً إلى ما يلي:
أولا: أن عبد القاهر قد أراد أن تسلم له نظرية النظم؛ فتذكر له، ويذكر بها، فلا تنسب إلى أبى سعيد السيرافي؛ ولا يذكر بها وقد كان لعبد القاهر ما أراد؛ فما من بلاغي، أو ناقد أدبي يذكر التظلم إلا ويذكر عبد القاهر أو يذكر عبد القاهر إلا ويذكر النظم!
ثانياً: أن عبد القاهر نفسه قد شرح كتاب "الإيضاح" في النحو؛ لأبى على الفارسي، في ثلاثين جزءاً؛ ثم اختصره في ثلاثة مجلدات؛ وأسماه:" المقتصد".
ثالثاً: أنه كان بين أبى سعيد السيرافي، وبين أبى على الفارسي ما بين