للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال ابن الفرات وما بعد هذا البيان مزيد، ولقد جل علم النحو عندي، بهذا الاعتبار، وهذا الأسفار.

فقال أبو سعيد: معاني النحو منقسمة بين حركات اللفظ وسكناته، وبين وضع الحروف في مواضعها المقتضية لها، وبين تأليف الكلام بالتقديم والتأخير، ونوخي الصواب في ذلك، وتجنب الخطأ من ذلك.

وإن ذاع شيء عن هذا النعت، فإنه لا يخلو أن يكون سائغاً بالاستعمال النادر، والتأويل البعيد، أو مردوداً، لخروجه عن عادة القوم الجارية على فطرتهم.

فأما ما يتعلق باختلاف لغات القبائل، فذلك شيء مسلم لهم، ومأخوذ عنهم.

وكل ذلك محصور بالتتبع والرواية والسماع والقياس المطرد على الأصل المعروف من غير تحريف.

وإنما دخل العجب على المنطقين، لظنهم أن المعاني لا تعرف ولا تستوضح إلا بطريقتهم ونظرهم وتكلفهم، فترجموا لغة هم فيها ضعفاء ناقصون، وجعلوا تلك الترجمة صناعة، وادعوا على النحويين أنهم مع اللفظ، لا مع المعنى.

ثم أقبل أبو سعيد على متى فقال: أما تعرف يا أبا بشر أن الكلام اسم واقع على أشياء قد ائتلفت بمراتب؟ وتقول بالمثل: هذا ثوب، والثوب اسم يقع على أشياء بها صار ثوباً، لأنه نسج بعد أن غزل، فسداته لا تكفي دون لحمته، ولحمته لا تكفي دون سداته، ثم تأليفه كنسجه، وبلاغته كقصارته، ورقة سلكه كرقة لفظه وغلظ غزله،

<<  <   >  >>