والتصفح إلى المتعلم والمناظر، فلا بد له من اللفظ الذي يشتمل على مراده ويكون طباقاً لغرضه، وموافقاً لقصده.
قال ابن الفرات لأبي سعيد: تمم لنا كلامك في شرح المسألة حتى تكون الفائدة ظاهرة لأهل المجلس، والتبكيت عاملاً في نفس أبي بشر.
فقال: ما أكره من إيضاح الجواب عن هذه المسألة إلا ملل الوزير، فإن الكلام إذا طال مل.
فقال ابن الفرات: ما رغبت في كلامك وبيني وبين الملل علاقة، فأما الجماعة فحرصها على ذلك ظاهر.
قال أبو سعيد: إذا قلت "زيد أفضل إخوته" لم يجز، وإذا قلت:"زيد أفضل الإخوة" جاز، والفصل بينهما: أن إخوة زيدهم غير زيد. وزيد خارج عن جملتهم، والدليل على ذلك: أنه لو سأل سائل فقال: "من إخوة زيد؟ " لم يجز أن تقول، زيد وعمرو وبكر وخالد. وإنما تقول: بكر وعمر وخالد، ولا يدخل زيد في جملتهم، فإذا كان زيد خارجاً عن إخوته صار غيرهم فلم يجز أن نقول: أفضل إخوته، كما لم يجز أن تقول:"إن حمارك أفره البغال"، لأن الحمير غير البغال، كما أن زيداً غير إخوته، فإذا قلت:"زيد خير الإخوة" جاز. لأنه أحد الإخوة، والاسم يقع عليه وعلى غيره، فهو بعض الإخوة، ألا ترى أنه لو قيل: من الإخوة؟ عددته فيهم، فقلت:"زيد وعمرو وبكر وخالد" فيكون بمنزلة قولك: حمارك أفره الحمير، لأنه داخل تحت الاسم الواقع على الحمير، فلما كان على ما وصفنا، جاز أن يضاف إلى واحد منكور يدل الجنس، فتقول:"زيد أفضل رجل" و"حمارك أفره حمار"، فيدل (رجل) على الجنس كما دل الرجال، وكما في "عشرين درهماً، ومائة درهم"،