المعنى: انتحى بنا، ومنها: معنى الحال في قوله عز وجل: {تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً}[المائدة: ١١٠] أي يكلم الناس في حال كهولته، ومنها: أن تكون بمعنى حرف الجر، كقولك: استوى الماء والخشبة، أي: مع الخشبة.
فقال ابن الفرات لمتى: يا أبا بشر، أكان هذا في منطقك؟
ثم قال أبو سعيد: دع هذا، هاهنا مسألة علاقتها بالمعنى العقلي أكثر من علاقتها بالشكل اللفظي، ما تقول في قول القائل:"زيد أفضل الأخوة"؟ قال صحيح، قال: فما تقول إن قال: زيد أفضل إخوته"؟ قال: صحيح، قال: فما الفرق بينهما مع الصحة؟ فبلح، وجنح، وغص بريقه.
فقال أبو سعيد: أفتيت على غير بصيرة، ولا استبانة: المسألة الأولى جوابك عنها صحيح - وإن كنت غافلاً عن وجه صحتها، والمسألة الثانية جوابك عنها غير صحيح - وإن كنت - أيضاً - ذاهلاً عن وجه بطلانها.
فقال متى: بين لي ما هذا النهجين؟
قال أبو سعيد: إذا حضرت الحلقة استفدت، ليس هذا مكان التدريس، هو مجلس إزالة التلبيس، مع من عادته التمويه والتشبيه، والجماعة تعلم أنك أخطأت، فلم تدعى أن النحوي إنما ينظر في اللفظ دون المعنى، والمنطقي ينظر في المعنى لا في اللفظ؟ هذا كان يصح لو أن المنطقي كان يسكت ويحيل فكره في المعاني، ويرتب ما يريد بالوهم السائح والخاطر العارض والحدس الطارئ، فأما وهو يربغ أو يبرر ما صح له بالاعتبار