للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كنسج الثوب. إذ تقول: هذا ثوب والثوب اسم واقع على أشياء. بها صار ثوباً. لأنه نسج بعد أن غزل، وسداته لا تكفي دون لحمته، ولحمته لا تكفي دون سداته. ثم تأليفه كنسجه. وبلاغته كقصارته، ورقة سلكه كرقة لفظه، وغلظ غزله ككثافة حروفه، ومجموع هذا كله: ثوب، ولكن بعد تقدمه كل ما يحتاج إليه فيه.

٧ - أنتم في منطقكم على نقص ظاهر، لأنكم لا تحيطون بما في الكتب، فتدعون "الشعر"، ولا تعرفونه وتذكرون "الخطابة" ولا تعرفون منها شيئاً، ثم تتطلعون إلى معرفة كتاب (البرهان) في المنطق لأرسطو؛ مع أنه لا حاجة تدعو إليه، لأنه يمكن الاستغناء عنه، ولكنكم تريدون بذلك شغل جاهل؛ واستذلال عزيز، والتهويل بمصطلحات المنطق مع أن من جاء عقله، وحسن تمييزه، ولطف نظرة "وثقب رأيه. وأتارت نفسه استغنى عن هذا كله بعون الله وفضله.

فهذا الناشئ أبو العباس قد نقض عليكم، وتتبع طريقتكم، وبين خطأكم، وأبرز ضعفكم، ولم تقدروا، إلى اليوم أن تردوا عليه كلمة واحدة مما قال.

٨ - أنت إذا قلت لإنسان: (كن منطقياً) فإنما تريد منه: كن عقلياً أو عاقلاً، أو أعقل ما تقول، لأنكم تزعمون أن المنطق هو العقل، وهذا خطأ لأن النطق على وجوه أنتم عنها ساهون، فإذا قال لك آخر: (كن نحوياً، لغوياً، فصيحاً) فإنما يقصد: أفهم عن نفسك ما تقول، ثم حاول أن يفهم عنك غيرك.

فإذا أردت الإخبار عن حقائق الأشياء، فقدر اللفظ على المعنى، فلا يزيد عليه، وقدر المعنى على اللفظ، فلا ينقص عنه.

وإذا أردت أشباه الحقائق والاتساع بالمعنى: فأجل اللفظ بالروادف

<<  <   >  >>