قالت حليمة: وكان ابنى والله لا ينام من الجوع، فلما وضعت رسول الله ﷺ فى حجرى أقبل علىّ ثدياى بما شاء الله من اللّبن، فشرب حتى روى، وشرب معه أخوه حتى روى، ثم ناما، وما كنّا ننام معه قبل ذلك، ثم قام زوجى إلى شارفنا تلك-وكانت والله ما إن تبضّ بقطرة-فلما وقعت يده على ضرعها فإذا هى حافل، فحلب قعبا فسقانى، ثم حلب قعبا آخر فشرب حتى روى، ولمس ضرعها فإذا هى بعد حافل، فحلب قعبا آخر فحقنه فى سقايته، وبتنا بخير ليلة شباعا رواء، فقال صاحبى: تعلمى والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة، ألم ترى ما بتنا به الليلة من الخير والبركة حين أخذناه!! فقلت: والله إنى (١) لأرجو أن يكون ذلك الخير (١)، وأخبرنى بخبر الشارف، وأخبرته بخبر ثديىّ وما رأيت منهما، ثم أصبحنا فغدونا، فركبت أتانى وحملت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم معى عليها، فجعلت تتقدّم الركب حتى ما يقدر عليها شئ من حمرهم حتى إن صواحبى ليقلن لى: يا ابنة أبى ذؤيب، ويحك اربعى علينا، أليست هذه أتانك التى كنت خرجت عليها معنا؟! فأقول: بلى والله إنها لهى. فيقلن: والله إن لأتانك هذه لشأنا.
ويقال، قالت حليمة: فركبت الأتان وركب الحارث الشارف، وحملت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بين يدىّ على الأتان-وكان والله ما إن يلحق الحمر ضعفا-فلما أن طلعنا على صواحبنا بوادى