للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«السنة السادسة والأربعون من مولد النبى »

فيها-ويقال: فى السنة التى قبلها-أسلم حمزة بن عبد المطلب، وكان أعزّ فتى فى قريش وأشده شكيمة؛ فعزّ به رسول الله ، وكفّت عنه قريش من أذاها قليلا.

وسبب إسلام حمزة أنّ أبا جهل مرّ واعترض رسول الله وهو جالس عند الصفا فآذاه وسبّه، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه، فلم يكلّمه رسول الله -وكانت مولاة لعبد الله بن جدعان فى مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك- ثم انصرف فعمد إلى نادى قريش عند الكعبة فجلس معهم، ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشّحا قوسه راجعا من قنّص له- وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة-فلما مرّ بالمولاة قالت: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقى ابن أخيك آنفا من أبى الحكم بن هشام!! وجده ها هنا جالسا فسبّه وآذاه، وبلغ منه، فلم يكلّمه محمد. فاحتمل حمزة الغضب، فخرج سريعا فدخل المسجد، فرأى أبا جهل جالسا فى القوم، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها ضربة شجّه بها شجّة منكرة، وقال: أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول؟! فردّ ذلك علىّ إن استطعت. وتم حمزة على إسلامه (١).

ويقال: لمّا ضرب حمزة أبا جهل قامت رجال من قريش من


(١) سيرة النبى لابن هشام ١:١٨٨،١٨٩. وشرح المواهب ١:٢٥٦.