عن حرمه المكان، فسمعته منه متعجبا، وشهد قلبى أنه آخر أمره؛ لتعاظم الكعبة عندى، وقلت لما رجعت إلى بيتى: انظر إلى جهل هذا الحبشى، ولم ينهه أحد ممن كان معه من عالم بالشرع أو السير!! وذكرت قولهم خلأت القصوى. فقال رسول الله ﷺ: بل حبسها حابس الفيل، فلما أعطاهم ما أرادوا أطلقت ناقته. وقد صين المسجد عن إنشاد ضالة فيه، حتى قيل لصاحبها: لا وجدت.
فكيف بحبشى يجئ بدبادبه، ويدخلها معظما لنفسه!! فلم يعد إليها، وأعقبه الله سبحانه النكال انتهى.
وقال سبطه فى مرآته بعد ذكره لذلك: لا وجه لإنكار ابن عقيل؛ لأن النهى إنما هو عن دخولها محاربا هاتكا لحرمة البيت والحرم، وهذا الحبشى ما دخلها إلا معظما؛ لأن أميرها والسودان كانوا عصاة مع بنى العباس لايرون إمامتهم، ويخطبون لغيرهم، فقصد بذلك الطاعة والإذعان، لا الهوان والعصيان، وليس فى الحكاية أنه دخل المسجد الحرام الذى فيه كعبة الإجلال والإعظام، وإنما دخل البلد على ذلك الوصف الذى فيه إرهاب الخاص والعام. انتهى.
***
«سنة عشر وخمسمائة»
[وحج بالناس قطز الخادم، وكانت سنة مخصبة آمنة ولله الحمد](١).
***
(١) المثبت بين الحاصرتين عن البداية والنهاية ١٢:١٧٩.