فيها استخار الله تعالى السيد عجلان ونزل عن إمرة مكة وأعمالها لولده السيد أحمد، وسبب تركه لذلك أنه كان رغب فى أن يكون ابنه محمد بن عجلان ضدّا لأخيه أحمد بن عجلان؛ بأن يفعل فى البلاد فعلا يظهر به محمد ويغضب به أحمد، فيلين بذلك جانب أحمد لأبيه؛ لأنه كان قوى عليه، وينال بذلك مقاصد من ابنه أحمد؛ فكتب عجلان ورقة إلى ابنه محمد يأمره بأن يشغب هو وأصهاره الأشراف على أحمد بن عجلان، وأن يأخذ من خيل أبيه ما شاء، ويذهب إلى نخلة فيأخذ منها أدرعا له هناك مودعة، ويأخذ ممن هى عنده ما يحتاج إليه من المصروف، فوصلت ورقته إلى ابنه محمد وهو فى لهو مع بعض أصدقاء أخيه أحمد، فأوقفهم على ورقة أبيه؛ فاستغفلوه وبعثوا بها إلى أخيه أحمد، وأشغلوه باللهو إلى أن بلغ أخاه الخبر.
فقصد أحمد أباه فى جمع كثير معاتبا له على ما فعل - وكان قد بلغه ما كان من ابنه محمد، وشق عليه ذلك كثيرا - فاعتذر لأحمد وما وجد شيئا يتنصّل به إلا السماح له بترك الإمرة على مال جزيل يسلمه له ابنه أحمد، وعلى أن يشترى منه ألف غرارة حبّ ذرة، وظن أنه يعجز عما يشترط عليه عوضا فى الترك، وكان فى نفسه (١) ثلاثمائة ألف درهم - فيما قيل - بعضها فى مقابلة
(١) فى الأصول «فى كيسه» والمثبت عن العقد الثمين ٨٩:٣.