للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«السنة الخامسة والأربعون من مولد النبى »

فيها اشتدت قريش فى إيذاء المسلمين؛ وذلك أنّ قريشا كانت لا تنكر على رسول الله من أمره حتى عاب آلهتم التى يعبدونها من دون الله، وذكر هلاك آبائهم الذين ماتوا على الكفر، واشتدّ أمره عليهم؛ فأجمعوا على خلافه، وأظهروا عدواته، وكايدوه وآذوه، وأغروا به سفهاءهم، وأرادوا قتله أو إخراجه، فعرضوا على قومه أن يعطوهم ديته ويقتلوه فأبى قومه ذلك (١)، فحدب عليه عمّه أبو طالب.

وسألت قريش النبىّ : إن كنت تطلب مالا جمعنا لك مالا تكون به أكثرنا مالا، وإن كنت تريد الشرف فينا فنحن نسوّدك علينا، وإن كنت تريد ملكا ملّكناك علينا، وإن كان هذا الذى يأتيك رئيّا (٢) قد غلب عليك بذلنا أموالنا فى طلب الطب حتى نبرئك منه أو نعذر فيك. فقال لهم النبى : ما بى ما تقولون، ولكن الله بعثنى إليكم رسولا، وأنزل على كتابا، وأمرنى أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم، فإن تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظّكم فى الدنيا والآخرة، وإن تردوه علىّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم (٣).

وجهر عبد الله بن مسعود بالقرآن، فكان أوّل من جهر به من الصحابة، وصعب الأمر وتنابذ القوم، ونادى بعضهم بعضا،


(١) دلائل النبوة ٢:٥٨،٥٩.
(٢) الرئى: التابع من الجن. (سبل الهدى والرشاد ٢:٤٥٠)
(٣) السيرة النبوية لابن كثير ١:٤٧٩، وشرح المواهب ١:٢٥٧،٢٥٨.