للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«سنة عشر وأربعمائة»

فيها قتل هادى المستجيبين (١)، وكان ظهر فى آخر أيام الحاكم العبيدى صاحب مصر، وكان يدعو إلى عبادة الحاكم، حكى عنه أنه سبّ وبصق (٢) وسار بالبرارى يدعوهم إلى أن قتله الله بمكة، وكان لما وصل إليها اجتمع مع أبى الفتوح أميرها فنزل عليه فلما رآه المجاورون يطوف بالكعبة مضوا إلى أبى الفتوح، وذكروا له شأنه، فقال: هذا قد نزل علىّ وأعطيته الذمام. فقالوا: إن هذا سبّ وبصق!! فسأله عن ذلك فأقرّ به، وقال: قد تبت. وقال المجاورون: توبة هذا لا تصح، وقد أمر النبىّ بقتل ابن خطل (٣) وهو متعلق بأستار الكعبة، وهذا لا يصح أن يعطى الذمام، ولا ينبغى إلاّ قتله، فدافعهم أبو الفتوح عنه، فاجتمع الناس عند الكعبة وضجّوا إلى الله وبكوا، وكان من قضاء الله تعالى أن أرسل ريحا سوداء حتى أظلمت الدنيا، ثم انجلت الظّلمة وصار على الكعبة فوق أستارها كهيئة التّرس الأبيض له نور كنور الشمس دون سقف الكعبة بنحو القامة، فلم يزل كذلك يرى ليلا ونهارا على حاله مدّة سبعة عشر يوما.


(١) فى الأصول «المستجيش» والمثبت عن العقد الثمين ٧:٣٥٤.
(٢) فى المرجع السابق «سب رسول الله ، وبصق على المصحف».
(٣) هو عبد الله بن خطل من بنى تيم بن غالب، كان اسمه عبد العزى فأسلم وسماه الرسول عبد الله، ثم عدا على مولى له فقتله وارتد عن إسلامه، وكانت له قينتان تغنيان بهجاء رسول الله ؛ فأمر النبى بقتله ولو كان متعلقا بأستار الكعبة، وانظر سيرة النبى لابن هشام ٤:٨٦٨، وإتحاف الورى بأخبار أم القرى ١:٤٩٦.