بنى مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقالوا: ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت. فقال حمزة: وما يمنعنى وقد استبان لى، أنا أشهد أنه رسول الله، وأن الذى يقول حقّ، فو الله لا أنزع فامنعونى إن كنتم صادقين. فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة؛ فإنى والله لقد سببت ابن أخيه سبّا قبيحا.
ثم رجع حمزة إلى بيته فأتاه الشيطان فقال: أنت سيد قريش، اتبعت هذا الصابئ وتركت دين آبائك، للموت خير لك مما صنعت. فأقبل على حمزة يؤنبه وقال: ما صنعت؟! [فقال حمزة:](١) اللهم إن كان رشدا فاجعل تصديقه فى قلبى وإلا فاجعل لى مما وقعت فيه مخرجا. فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان، حتى أصبح فغدا على رسول الله ﷺ فقال: يا ابن أخى، إنى قد وقعت فى أمر لا أعرف المخرج منه، وإقامة مثلى على ما لا أدرى ما هو أرشد هو أم غىّ شديد؟ فحدثنى حديثا فقد اشتهيت يا ابن أخى أن تحدثنى.
فأقبل عليه رسول الله ﷺ فذكّره ووعظه، وخوّفه وبشّره، فألقى الله فى نفسه الإيمان بما قال رسول الله ﷺ؛ فقال: أشهد إنك لصادق شهادة الصّدق، فأظهر يا ابن أخى دينك، فو الله ما أحب أن لى ما أظلت السماء وأنى على دينى الأوّل.
(١) إضافة يقتضيها السياق. وفى السيرة النبوية لابن كثير ١:٤٤٦ «للموت خير لك مما صنعت. فأقبل حمزة على نفسه وقال: ما صنعت اللهم … الخ».