وقال النَّسائي:(هذا خطأ والصواب مرسل)، وقال الطحاوي:(خالف ابن عيينة في إسناد هذا الحديث كل أصحاب الزهري غيره؛ فرواه مالك عن الزهري فقطعه، ثم رواه عقيل ويونس عن ابن شهاب، عن سالم قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان يمشون أمام الجنازة)؛ قال:(وأصل الحديث إِنما هو عن سالم لا عن ابن عمر فصار حديثًا منقطعًا).
قلت: وهو زعم باطل من وجوه: أحدها: أن مالكًا الذي اعتمدوا عليه في إِرسال الحديث اختلف عليه في وصله وإرساله، ولم تتفق الرواة عنه في إرسال الحديث، فقد رواه عنه موصولًا، عن سالم، عن ابن عمر، عن جماعة منهم يحيى بن صالح الوحاظي، وعبد الله بن عون وهما ثقتان من رجال الصحيح، وكذلك حاتم بن سالم القزاز، وقد وثقه أيضًا ابن حبان، كما ذكر ذلك عنهم ابن عبد البر في "التمهيد"، فصار مالك موافقًا لسفيان في وصله، وكم حديث أرسله في الموطأ وصله أصحاب الصحيح من طريقه نفسه أو من طريق غيره، فليكن هذا مثلها أو أصح منها ولابد له من المتابعين على الرفع ما ليس لغيره مما خرج في الصحيحين.
ثانيهما: أن سفيان بن عيينة ثقة حافظ، ومع ذلك فقد عرض عليه معارضة غيره له في إِرساله فجزم بالوصل وذكر أنه متاكد من ذلك، وأنه سمعه من الزهري موصولًا مرارًا متعددة، فلو لم يعرض ذلك عليه ولم يؤكد هو ذلك، لأمكن أن يُحْكَم عليه بالوهم، لأن ذلك لا يسلم منه بشر مهما علا قدره في الحفظ والإِتقان، لكن مع عرض ذلك عليه وعدم رجوعه عنه وإِخباره بأنه متأكد من الوصل، لم يبق معنى للحكم عليه بالوهم أصلًا بل ذلك من قبيل تكذيبه والحكم عليه بتعمد الكذب في الحديث وهذا