إن كتاب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" هو كتاب في الفقه على مذهب إمام المدينة المنورة مالك بن أنس رحمه الله، وقد استوفى فيه القاضي أبو الوليد بن رشد (الحفيد) كتب الفقه وأبوابه جميعها بدءًا من كتاب الطهارة فالصلاة ... وانتهاء بكتاب الأقضية.
ومن الطوابع المميَّزة للكتاب أنَّه يستعرض المسألة الواحدة على مذهب الإمام مالك، ثمَّ على سائر آراء الفقهاء المعتبرين عند جماعة المسلمين؛ كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي حنيفة النعمان، ومحمد بن إدريس الشافعي، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وسفيان الثوري، وداود، والأوزاعي ... الخ ولا يكتفي بذلك، بل يأتي أحيانًا بآراء المجتهدين ضمن هذه المذاهب من أصحاب أبي حنيفة، والشافعيُّ وغيرهم ويناقش هذه المسألة من جميع وجوهها فيبيِّن أوجه الاتفاق فيما اتفقوا عليه، وأوجه الاختلاف فيما اختلفوا فيه موردًا حجج كل واحد منهم، ثمَّ يرجح بعد كل ذلك ما يراه صوابًا، وهذا يدلّ على علوّ شأن ابن رشد في الفقه، ليس ضمن مذهبه المالكي فقط، بل وفي الفقه الإِسلامي عامّة.
ولكن الإمام ابن رشد -رغم توفّر ملكات الاجتهاد لديه- يعتبر نفسه قاصرًا