للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أهل بلده خاصة، ومنافع أهل الأندلس (١).

ثمَّ امتُحن بالنفي، وإِحراق كتبه القيمة آخر أيام يعقوب المنصور حين وشوا به إِليه، ونسبوا إليه أمورًا دينية وسياسية، ثمَّ عفا عنه، ولم يعش بعد العفو إِلا سنة (٢).

وينقل لنا النباهي في "تاريخ قضاة الأندلس". (قال ابن الزبير: أخذ الناس عنه واعتمدوا عليه، إِلى أن شاع عنه ما كان الغالِبُ عليه في علومه من اختيار العلوم القديمة -يعني الفلسفة- والركون إِليها. ثمَّ قال: فترك الناس الأخذ عنه، وتكلّموا فيه، وممن جاهده بالمنافرة والمجاهرة القاضي أبو عامر يحيى بن أبي الحسن بن ربيع، وبَنُوه، وامتُحن بسبب ذلك، ومن الناس من تعامى عن حاله، وتأوّل مرتكبه في انتحاله. وتوفي في حدود سنة ٥٩٨ هـ).

لقد كان السبب في محنته، فلسفته، وفي ذلك يقول المقّري: (وأما الفلسفة فإِمامها في عصرنا أبو الوليد بن رشد القرطبي، وله فيها تصانيف جحدها لما رأى انحراف منصور بني عبد المؤمن عن هذا العلم وسجنه بسببها، وكذلك ابن حبيب الذي قتله المأمون بن المنصور المذكور على هذا العلم بإِشبيلية، وهو علم ممقوت بالأندلس، لا يستطيع صاحبه إِظهاره، فلذلك تخفى تصانيفه) (٣).

ثمَّ إِن جماعة من الأعيان بإِشبيلية شهدوا لابن رشد أنَّه على غير ما نُسِبَ إليه، فرضي المنصور عنه، وذلك في سنة خمس وتسعين وخمسمائة (٤).

ثمَّ إنه مات في حبس داره لما شُنِّع عليه من سوء المقالة والميل إلى علوم


(١) ابن فرحون، الديباج المذهب: ٢٨٤ - ٢٨٥.
(٢) مخلوف، شجرة النور الزكية: ١٤٧.
(٣) المقّري، نفح الطيب ٣/ ١٨٥.
(٤) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: ٥٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>