ورواه الدارقطني، والبيهقي، من جهة أبان أيضًا، عن إبراهيم عن علقمة، عن عبد الله قال: بِتُّ مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأنْظُر كَيف يَقْنُتُ فِي وِتْرِه فَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ، ثم لَقيتُ أُمي أُمَّ مَعبدٍ فقلتُ: بيتي مع نسائه فانْظُري كَيْفَ يَقْنَتُ في وِتْرِهِ، فأنبئيني فأخبرتني أنَّهُ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ. وقال البيهقي: مداره على أبان وهو متروك.
قلت: وهو عندي باطل لا أصل له بهذا السياق، بل هو من وضع أبان وكم له من أمثاله فإِنه لم ينقل أنَّ أحدًا باتَ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حجره الشريفة إلا ابن عباس الصبي مع خالته ميمونة -رضي الله عنها- لضيق الحجر التي لا يتصور أنْ يَبيتَ بِهَا أجنبي مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وزوجته، وكذا أم عبد الله بن مسعود إن باتت مع زوجة من أزواجه - صلى الله عليه وسلم - في حجرتها فلا يمكن معرفَةُ صلاته بالليل، وما قنت به وكيف قَنَتَ وهو في حجرة أخرى مع الزوجة الأخرى إذ لا يمكن أن تنام امرأة أجنبية مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حجرته الضيِّقة مع زَوجَتِهِ أيضًا.
وقد عُرِفَ من أدبِ الصَحابة -رضي الله عنهم- مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وشِدَّةِ احترامِهم لجنابِهِ الكريم، ما يمنعهم من ذلك لاسيما كبارُهم كابن مسعود وأمه، -رضي الله عنهما-، فقد كانوا لا يرفعون أبصارهم إليه هيبة وإجلالًا، وإذا جلسوا معه كانوا كأنما على رؤوسهم الطير، وكانوا يَقْرَعُون بَابَه بالأظافِرِ أدَبًا وتَعْظِيمًا أيضًا، فكيف يَجرأُون على البَيَاتِ مَعَهُ في حُجْرَتِهِ.
أما القنوت في الوتر فواردٌ عن ابن مسعود مرفوعًا من وجه آخر قال: "ما قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء من صلاته إلا في الوتر، وكان إذا حارب يقنت في الصلوات