للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأنَّ تنزيه المسجد واجبٌ، وفي إدخال الميت المسجد احتمالُ وقوع النّجاسةِ فيه، فيكره كما يكره إدخال الصبي والمجنون المسجد؛ لأنه لا يؤمن من تلويث المسجد، فكذا هذا.

ولو وضعت الجنازة خارج المسجد والإمام خارج المسجد، ومعه صفٌّ والباقي في المسجد.

اختلفوا فيه:

قيل: لا تكره الصلاة عليه. وهكذا روي عن أبي يوسف في النوازل:


= وسئل أحمد بن حنبل - وهو إمام أهل الحديث والمقدّم في معرفة علل النّقل فيه - عن الصلاة على الجنازة في المسجد؟ فقال: لا بأس بذلك، وقال بجوازه. فقيل: فحديث أبي هريرة؟ فقال: لا يثبت - أو قال: حتى يثبت -. ثم قال: رواه صالح مولى التوأمة، وليس بشيء فيما انفرد به.
فقد صحّح أحمد بن حنبل السنة في الصلاة على الجنائز في المسجد، وقال بذلك.
وهو قول الشافعى وجمهور أهل العلم، وهي السنة المعمول بها في الخليفتين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صلّى عمر على أبي بكر الصديق في المسجد، وصلّى صهيبٌ على عمر في المسجد بمحضر كبار الصحابة وصدر السلف من غير نكير، وما أعلم من ينكر ذلك إلا ابن أبي ذئب.
ورويت كراهية ذلك عن ابن عباس من وجوه لا تصحّ ولا تثبت، وعن بعض أصحاب مالك. ورواه ابن القاسم عن مالك، وقد روي عنه جواز ذلك من رواية أهل المدينة وغيرهم.
وانظر تتمة كلام ابن عبد البر في الاستذكار، والتمهيد له (٢١/ ٢١٧ - ٢٢٣).
أقول: وقد قوّى أمر هذا الحديث جماعةٌ، ورأوا العمل به، انظر زاد المعاد لابن قيّم الجوزية (١/ ٥٠١ - ٥٥٢) والجوهر النقي لابن التركماني (٤/ ٥٢) وإعلام السنن للتهانوي (٨/ ٢٢٨ - ٢٣٠).

<<  <   >  >>