ويشكونه من أبواب الأمر أو غيرهم، فهل يكون هذا الاستبدال والحالة ما ذكر، وأنّ القرية المذكورة هي التي أكثر غلّة وأقرب استغلالاً باطلاً غير صحيح. ولا يعول عليه، ولو حكم به ونفّذ، وللنّاظر ومستحقي القرية المذكورة طلب الفسخ إذا أرادوا ذلك في الاستبدال المذكور واسترجاع القرية المذكورة، وردّ القطعة المذكورة أو طلب عوضٍ في مقابلة ذلك من أرضٍ أو بناءٍ أو ما يقوم مقام ذلك من النفع القائم مقام القرية المذكورة أم لا؟.
فكتبت له ما صورته:
الحمد لله. ربِّ زدني علماً.
هذا الاستبدال باطلٌ لو كانت القطعة الأرض المذكورة أكثر غلّة وأقرب استغلالاً، وأقلّ كلفة، وأكثر خراجاً، وملكاً خاصًّا للمستبدل، إذ ليس شيء من ذلك مسوّغاً للاستبدال عند من يراه من علمائنا، وإنما يعتمد ذلك مسوّغاً جهلاً أو تلبيساً، ولا أثر للحكم بذلك، ولا للثناء فيه، ولا تحتاج إلى طلب الفسخ، بل القرية الموقوفة وقفاً على ما كانت عليه، ولا يصح طلب العوض عنها بوجهٍ، وعلى كلّ حاكمٍ رفع إليه هذا الأمر، رفع الأيدي عن القرية الوقف واسترجاع الأجر لمدةِ هذا الاستبدال الباطل إقامةً للقسط الذي أمر الله به بإجراء الأحكام الشرعية على وجهها، ورفع الأيدي المبطلة عن ملك الله - سبحانه وتعالى -. وتحصيل مقاصد الواقفين الذين صاروا إلى الله تعالى مفتقرين إلى ما يصل إليهم من ثواب ما قدّمت أيديهم، وثواب الفقراء المستحقين للريع، وتخليص المستبدل من أكل الحرام على ظنّ الحلال إن كان لا يعلم بحقيقة الحال، إلى غير ذلك من الوجوه التي ترتب عليها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الْمُقْسِطِينَ فِي الدُّنْيا عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نوُرٍ عَنْ يَمِينِ الرّحمَنِ، وكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ