للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تتفرع من ولايته على نفسه. والولاية على نفسه لا تثبت إلاّ بالبلوغ عن عقل، والحرية.

وأمّا البصر: فلأنّ القدرة على التمييز تثبت به. دلَّ أنّ اشتراط هذه الشرائط في الشهادة موافقٌ للقياس، فيشرط فيما هو في معناها قياسًا عليها.

وأمّا العدد في الشهادة: فهو شرط مخالف للقياس. ولهذا لا يشترط في سائر الإخبارات فيقتصر عليها إذا ثبتت هذه المسألة. فيبتني عليها مسائل منها: إذا زكاهم واحد وجرحهم واحد. فعند أبي حنيفة وأبي يوسف: الجرح أولى؛ وإن عندهما الجرح والتعديل يثبت يقول الواحد، فكان الجواب عندهما كالجواب عندهم فيما إذا عدله اثنان وجرحه اثنان.

وعند محمّد: الشهادة موقوفة على حالها لا ترد، ولا تجاب حتّى يجرحه آخر ويعدّله آخر؛ وإن عنده الجرح والتعديل سواء في أن لا يثبت يقول الواحد. فإن جرحه آخر ثبت الجرح فيرد، فإن لم يجرحه آخر وعدّله آخر ثبتت العدالة، فيجاب، فإن جرحه واحد وعدّله اثنان فالتعديل أولى بالإجماع.

أمّا عند محمد، فلأن الجرح لم يثبت.

وأمّا عند أبي حنيفة وأبي يوسف فلأن العدالة تثبت بما هو حجة في الأحكام كلها. فإن قول الاثنين حجّة في أمور الدين، وليس بحجة في حقوق العيان.

فإن قيل: ترجح التعديل من هذا الوجه، وترجح الجرح من وجهٍ آخر؛ لأنّ الجارح فيما جرح يعتمد ما يمكن الوقوف عليه من حيث العيان. فإنّ أسباب الجرح: ارتكاب كبيرة هي محظور دينه. وهذا مما يمكن الوقوف عليه

<<  <   >  >>