قد استشكل بعض من ينسب إلى العلم بمذاهبنا حل الزوجة بحكم الحنبلي: أنّ الخلع فسخٌ بعد تطليقتين؛ لأنّ الحكم يرفع نزاع المتنازعين. فامّا أن يرفع تعلّق الحل والحرمة بشيءٍ واحدٍ، فلا. فقلت: بل الحكم يرفع تعلّق الحلّ والحرمة بالشيء الواحدِ؛ لأنَّ ظنَّ المجتهد الذي يعمل به مقلّده، إنّما يفيد تعلّق الحكم بالشيء إذا لم يعارضه معارضٌ أقوى. وهنا قد عارضه وهو حكم الحاكم؛ لأن الشرع أوجبَ العملَ به.
فالحادثة إن كانت نازلة بمجتهدٍ، فإن اختصّت به، يحمل على ما يؤذيه اجتهاده، فإن استوت الأمارات يخبر بشهادة القلب عندنا أو يعاود النّظر ليترجّح أحدهما، وإن تعلّقت بغير مجتهدٍ، فعند إمكان الصّلح اصطلحا أو رجعا إلى حاكمٍ إن وجدَ وإلّا فإلى محكّمٍ. وعند عدم إمكان الصّلح رجعا إلى الحاكم أو المحكم حتى لو كان حاكمًا ينصب من يفصل بينهما. وإن كانت النازلة بمقلّدٍ. فإن اختصّت عمل بموجب قول إمامه. فإن كان فيه قولًا عملَ بموجب الصحيح من مذهب مقلّده. فإن تعدد التصحيح عمل بفتوى الأعلم الأورع، وإن استوت خُيّر فيها عند الشّافعية. وعندنا تعرضُ على مفت ثالثٍ. فإن كان في بلدٍ آخر وإن تعلّقت بغيره فالأمر كما تقدم.
وإمّا أن يصطلحا أو يرجعا إلى حكم حاكمٍ أو مُحكّمٍ.