ومنهم من قال: لا يجوز أيضًا؛ لأن الظاهر بقاؤها في الحال. انتهى.
فذكرت له ما في هذا من الفساد. فأجاب: بأن هذا رجلًا متقدم مصنف، فاختصرت الكلام عند ظهور المقام، ثم سألني من يتعين إجابته أن كتب له ما صدر مني في بيان فساد الكلام المتقدم، وما لي في المسألة من تحقيقٍ، وما كنت ذكرت له من مسألة: الماء المستعمل.
وقلت مستعيناً بالله سبحانه وتعالى إنه حسبي ونعم الوكيل:
قوله: والكثير لا، باطل لإجماع الأمة على الماء الكثير، إن يتغير بنجسٍ ينجس.
قوله: كل ما لا يخلص بعضه إلى بعض لا ينجس بوقوع النجاسة فيه. هذا باطلٌ [بإجماعِ الأمة](١) بما تقدّم. ومنقوض بما ذكره بعدُ من قوله: ثم إن كانت النجاسة مرئية لا يتوضأ من موضع الوقوع للتيقن بالنجاسة برؤية عينها.
ومما ذكره بعد ذلك أيضًا، من قوله: ولو وقعت جيفة في نهرٍ كبيرٍ لا يتوضأ من أسفل الجانب الذي فيه الجيفة. وهذا أبلغ؛ لأنه مع الكثرة جاز قوله. وهذا معنى قولهم: لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر.
يتوقف بيان فساده على مقدمة وهو: أن الكلام ليس في بيان نهاية الكثرة؛ لأن أكثر ما لا يخلص بعضه إلى بعض، وأكثر ما لا يتحرك أحد طرفيه بتحرك الطرف الآخر، إنما تحقق في نحو الطرفان، بل الكلام في أقل ما لا يخلص بعضه إلى بعض ليكون مبتدأ حد الكثرة، ويتحقق مقابلة الذي هو نهاية حد