للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد - رحمهم الله تعالى - (١). والله أعلمُ.

* * *


= يضربه مثلا لنقض الوتر.
وهذا - عندنا - كلامٌ صحيحٌ، ومعناه: أنّ ما صلّيت بعد الوتر من الأشفاع، فهو مع الوتر الّذي أوترته وترًا.
حَدَّثَنَا يونس قال: أَخْبَرَنَا ابن وهبٍ، أن مالكًا حدَّثه، عن زيد بْن أسلم، عن أبي مرّة مولى عقيل بْن أبي طالبٍ - رضي الله عنهما -، أنه سأل أبا هريرة - رضي الله عنه -: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوتر؛ فقال: إن شئت أخبرتك كيف أصنع أنا؟ قلت: أخبرني. قال: إذا صلّيت العشاء، صلّيت بعدها خمس ركعاتٍ، ثمّ أنام، فإن قمت من اللّيل، صلّيت مثنى مثنى، وإن أصبحت، أصبحت على وترٍ.
فهذا ابن عبّاسٍ - رضي الله عنه -، وعائذ بْن عمرٍو، وعمّارٌ، وأبو هريرة - رضي الله عنه -، وعائشة - رضي الله عنها -، لا يرون التطوع بعد الوتر، ينقض الوتر.
فهذا أولى - عندنا - مما روي عمّن خالفهم، إذ كان ذلك موافقًا لما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعله وقوله.
والّذي روي عن الآخرين أيضًا فليس له أصلٌ في النطر، لأنهم كانوا إذا أرادوا أن يتطوَّعوا، صلّوا ركعةً، فيشفعون بها وترًا متقدِّمًا، قد قطعوا فيما بينه وبين ما شفعوا به، بكلامٍ، وعملٍ، ونومٍ، وهذا لا أصل له أيضًا في الإجماع، فيعطف عليه هذا الاختلاف.
فلما كان ذلك كذلك، وخالفه من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من ذكرنا، وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا خلافه، انتفى ذلك، ولم يجز العمل به.
(١) العبارة في شرح معاني الآثار: (وهذا القول الذي بيّنّا، قول أبي بكرة، وأبي يوسف، ومحمّدٍ).

<<  <   >  >>