للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وحجتنا في ذلك: أن الحكم للغالب وإذا كان الغالب هو الحرام كان الكل حرامًا في وجوب الاجتناب عنها في حالة الاختيار؛ وهذا لأنه لو تناول شيئًا منها إنّما يتناول بغالب الرأي وجواز العمل بغالب الرأي للضرورة، ولا ضرورة في حالة الاختيار بخلاف ما إذا كان الغالب الحلال فإن حل التناول هناك ليس بغالب الرأي كما قررنا، وهذا بخلاف أمر القبلة لأنّ الضّرورة هناك قد تقررت عند انقطاع الأدلة عنده، فوزانه أن لو تحققت الضّرورة هنا بأن لم يجد غيرها جهة الكعبة قربة جائزة في حالة الاختيار وهو التطوع على الدابة، وتناول الميِّتة لا يجوز مع الاختيار بحال ولهذا لا يجوز له العمل بغالب الرأي هنا في حالة الاختيار. وكذلك إن كانا متساويين لأنّ عند المساواة يغلب الحرام شرعًا، قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما اجتمع الحرام والحلال في شيء إِلَّا غلب الحرام الحلال". ولأن التحرز عن تناول الحرام فرض وهو مخير في تناول الحلال إن شاء أصاب من هذا وإن شاء أصاب من هذا كان شاء أصاب من غيره، ولا يتحقق المعارضة بين الفرض والمباح فيترجح جانب الفرض وهو الاجتناب عن الحرام ما لم يعلم الحلال بعينه أو بعلامة يستدل بها عليه، ومن العلّامة أن الميِّتة إذا ألقيت في الماء تطفوا لما بقى من الدِّم فيها، والذكية ترسب وقد يعرف النَّاس ذلك بكثرة النشيش وشرعة الفساد إليها، ولكن هذا كله ينعدم إذا كان الحرام ذبيحة المجوسي أو ذبيحة مسلم ترك التّسمية عمدًا.
ومن المختلط الّذي هو متصل الأجزاء: مسألة الدهن إذا اختلط به ودك الميِّتة أو شحم الخنزير، وهي تنقسم ثلاثة أقسام: فإن كان الغالب ودك الميِّتة لم يجز الانتفاع بشيء منه لا بكل ولا بغيره من وجوه الانتفاع لأنّ الحكم للغالب، وباعتبار الغالب هذا محرم العين غير منتفع به فكان الكل ودك الميِّتة، واستدل عليه بحديث جابر - رضي الله عنه - قال: جاء نفر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: إن لنا سفينة في البحر وقد احتاجت إلى الدهن فوجدنا ناقة كثيرة الشحم ميتة افندهنها بشحمها فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنتفعوا من الميِّتة بشيء". وكذلك إن كانا متساويين لأنّ عند المساواة يغلب الحرام فكان هذا كالأول، فأمَّا إذا كان الغالب هو الزيت فليس له أن يتناول شيئًا منه في حالة الاختيار لأنّ ودك الميِّتة وإن كان مغلوبّا مستهلكًا حكمًا فهو موجود في هذا المحل حقيقة، وقد تعذر =

<<  <   >  >>