للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في البدائع (١): وروي عن محمَّدٍ أنه قال: يستحبُّ للقوم أيضًا أن ينقضوا [الصُّفوف] ويتفرَّقوا.


= التّسبيحات والتّحميدات والتكبيرات فينبغي استنان تأخيره عن السّنّة ألبتّة، وكذا آية الكرسيّ، على أنّ ثبوت ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم - مواظبةَ لا أعلمه، بل الثّابت ندبه إلى ذلك، وليس يلزم من ندبه إلى شيءٍ مواظبته عليه وإلا لم يفرّق حينئذٍ بين السّنّة والمندوب، وكان يستدلّ بدليل النّدب على السّنّيّة وليس هذا على أصولنا.
وقول الحلوانيّ: عندي أنّه حكمٌ آخر لا يعارض القولين؛ لأنّه إنّما قال: لا بأس. . . إلخ، والمشهور في هذه العبارة كونه لما خلافه أَوْلى فكان معناها أنّ الأولى أن لا يقرأ الأوراد قبل السّنّة، ولو فعل لا بأس به فأفاد عدم سقوط السّنّة بذلك حتّى إذا صلّى بعد الأوراد يقع سنّةً مؤداةً لا على وجه السّنّة، وإذا قالوا لو تكلّم بعد الفرض لا تسقط السّنّة لكن ثوابها أقلّ فلا أقلّ من كون قراءة الأوراد لا تسقطها، وقد قيل في الكلام أنّه يسقطها، والأوّل أولى، ففي البخاريّ وأبي داود والتّرمذيّ عن عائشة - رضي الله عنها -: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا صلّى ركعتي الفجر، فإن كنت مستيقظةً حدّثني، وإلا اضطجع حتّى يؤذّن بالصّلاة. واعلم أنّ هذا الّذي عن الحلوانيّ يوافقه ما عن أبي حنيفة في المقتدي والمنفرد، وذكر في حقّ الإمام خلافه، وعبارته في الخلاصة هكذا: إذا سلّم الإمام من الظّهر أو المغرب أو العشاء كرهت له المكث قاعدًا لكنّه يقوم إلى التّطوّع، ولا يتطوّع في مكان الفريضة ولكن ينحرف يمنةً أو يسرةً أو يتأخّر، وإن شاء رجع إلى بيته يتطوّع وإن كان مقتديًا، أو يصلّي وحده إن لبث في مصلاه يدعو جاز.
وكذا إن قام إلى التّطوّع في مكانه أو تقدّم أو تأخّر أو انحرف يمنةً أو يسرةً جاز والكلّ سواءٌ، وفي الصلاة التي لا يتطوّع بعدها يكره المكث في مكانه قاعدًا مستقبلًا، ثمّ هو بالخيار إن شاء ذهب وإن شاء جلس في محرابه إلى طلوع الشمس وهو أفضل، ويستقبل القوم بوجهه إذا لم يكن بحذائه مسبوقٌ، فإن كان ينحرف يمنةً أو يسرةً والصّيف والشتاء سواءٌ هذا هو الصّحيح، هذا حال الإمام.
وقوله (الكلّ سواءٌ): يعني: في إقامة السّنّة.
(١) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ١٣٥).

<<  <   >  >>