للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأبي داود (١)، عَنْ هلب: أنّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ يَنْصَرِفُ عَنْ شِقَّيْهِ.

وأمّا ما روي عن أبي بكرٍ وعمر: فروى الطبراني (٢)، عن أنس بن مالكٍ قالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،


= وهو أن يحمل حديث ابن مسعود على حالة الصلاة في المسجد؛ لأن حجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت من جهة يساره، ويحمل حديث أنس على ما سوى ذلك كحال السفر، ثم إذا تعارض اعتقاد ابن مسعود وأنس رجح ابن مسعود؛ لأنه أعلم وأسنّ وأجلّ وأكثر ملازمة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأقرب إلى موقفه في الصلاة من أنس، وبأن في إسناد حديث أنس من تكلّم فيه، وهو السدّي، وبأنه متفق عليه بخلاف حديث أنس في الأمرين، وبأن رواية ابن مسعود توافق ظاهر الحال؛ لأن حجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت على جهة يساره كما تقدم، ثم ظهر لي [أي: للحافظ ابن حجر] أنه يمكن الجمع بين الحديثين بوجه آخر، وهو أن من قال: كان أكثر انصرافه عن يساره نظر إلى هيئته في حال الصلاة، ومن قال: كان أكثر انصرافه عن يمينه نظر إلى هيئته في حالة استقباله القوم بعد سلامه من الصلاة، فعلى هذا لا يختص الانصراف بجهة معينة، ومن ثم قال العلماء: يستحب الانصراف إلى جهة حاجته، لكن قالوا: إذا استوت الجهتان في حقه، فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل التيامن، كحديث عائشة المتقدم في كتاب الطهارة. قال ابن المنير: فيه أن المندوبات قد تقلب مكروهات إذا رفعت عن رتبتها، لأن التيامن مستحب في كل شيء - أي: من أمور العبادة - لكن لما خشي ابن مسعود أن يعتقدوا وجوبه أشار إلى كراهته. والله أعلم.
أقول: وروي عن ابن عمرو - رضي الله عنهما -: أنه كان ينصرف عن يمينه وعن يساره. رواه أحمد (٦٦٢٧).
(١) رواه الطيالسي (١٠٨٧) وأبو داود في سننه (١٠٤١) وابن حبان (١٩٩٨ الإحسان) (٥٢٠ موارد الظمآن).
(٢) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٢٨٨٦): عن أنس بن مالك قال: صليت مع =

<<  <   >  >>